[مصادر السنة ومناهج مصنفيها للشيخ د. الشريف حاتم بن عارف العوني (2)]
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:15 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فهنا أربعة أسئلة متعلقة بالموضوع يسأل عنهم بعض الإخوة:
السؤال الأول: يقول ما هو قولكم - أو حسب تعبير الأخ – أَيْشٍ قولكم في تقسيم الشيخ المُعلِّمي لكلام ابن حبان؟
ما ذكره الشيخ المعلمي في تقسيمه لما ذكره ابن حبان في الثقات تقسيم صحيح وسديد، ونقدي له بالأمس لا يعني أنه غير مُعْتَمد، لكني أنا أنتقد مَنْ يَصِفُ ابن حبان بوصف المجاهيل بأنه يوثق المجاهيل ثم يعتمد على قوله ثقة أو صدوق فقط وإلا فأنا أوافق على التقسيم الذي ذكره الشيخ المعلمي وأرى أنه تقسيم صحيح، لكن يلزم من هذا التقسيم أن ابن حبان إذا وثَّق إذا عرفنا أنه وثَّق يقينًا فإنه يكون مُعتمد التوثيق، وهذا يعني أن كتاب الثقات لا يمثل من هم ثقات عند ابن حبان، وهذا بخلاف ما وصفه به الشيخ المعلمي نفسه حيث وصفه بالتساهل، وغيره طبعًا ممن سبقوه.
وبالمناسبة فإن الحافظ العراقي له كلام صريح في اعتماد توثيق ابن حبان ذكره الحافظ بن حجر في أسئلته التي وجهها للشيخ العراقي حتى إن العراقي في آخر جوابه على الحافظ بن حجر قال له أن راويًا وصفه أبو حاتم الرازي بأنه مجهول ووثقه ابن حبان فإنه يُقدَّم توثيق ابن حبان على قول أبي حاتم إنه مجهول، يعني بلغ بالعراقي وهو الإمام العارف أَنْ يعتمد توثيق ابن حبان إلى هذا الحد، فاعتماد توثيق ابن حبان ليس أمرًا منكرًا ولا غريبًا، وإِنْ كان ليس هو المشتهر بين طلبة العلم اليوم لكنه اعتمده كثير من العلماء وقبلوه ولم يردوه مطلقًا كما هو حال كثير من طلبة العلم اليوم.
السؤال الثاني: يقول ما معنى مقولة ابن حبان " لا تُقبل الزيادة إلا من فقيه "؟
تكلمنا عن هذا الأمر بالأمس وقلنا: إنه يتكلم عن محدِّثي عصره إذا حدَّثوا من حِفْظِهِم لا من كتابهم، فمثل هؤلاء الذين لم يُعرفوا بالفقه إذا ذاكروا بالحديث لا في مجلس السماع، ودون أن يرجعوا إلى كتبهم، وهم ليسوا بحفاظ لا يُؤمَن عليهم أن يُخطئوا في رواية الحديث؛ لأنهم ليسوا بفقهاء ليميزوا زيادات الألفاظ، وليسوا بحفاظ متقنين كالحفاظ الأوائل من المحدِّثين الذين كانوا يعتمدون على حفظ الصدور، بل هؤلاء في الغالب يعتمدون على حفظ السطور والكتب، ولذلك يرى ابن حبان أنه لا يُقبل منهم من هؤلاء الذين هم في طبقة شيوخه وأقرانه إلا أن يحدثوا من كتبهم، فإذا حدَّثوا من كتبهم قُبلت الزيادة منهم سواء كانوا فقهاء أو غير فقهاء، فهذا بالنسبة للزيادة في المتون، والأسانيد مثلها لكن بمعاملة الفقهاء بخلاف المحدِّثين كما بيناه في لقاء الأمس.
السؤال الثالث: يقول ما التوجيه في الرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتاب الثقات وذكرهم أيضًا في كتاب المجروحين؟
هناك عدد من الرواة ذكرهم ابن حبان في الثقات وفي المجروحين، فهناك دراسة سمعت عنها ولم أَطَّلِع عليها جمعت هؤلاء الرواة ودرستهم وكنت أتمنى أن أطلع على هذا الكتاب، أو هذه الدراسة وقد طُبعت، لكن الظاهر أن نشرها لم يكن بالصورة الجيدة، لكن على كل حال الذي يظهر أن هناك أكثر من توجيه حول هذا التصرف من ابن حبان، فهو إما أنه تغير اجتهاده، فأورد الرجل في الثقات ثم أورده في المجروحين أو العكس.
احتمال أنه تردد كان مترددًا فيه فإِنَّه ذكر جماعة من الرواة في الثقات، ومثلهم في المجروحين، ويقول: هذا ممن أستخير الله فيه، يعني أنا لم أجزم فيه بمرتبة معينة، وقد يشير إلى أن هذا منهج لابن حبان أنه يفعل هذا حتى في الطبقات، فيذكر الراوي في التابعين، ويذكره أيضًا في اتباع التابعين، وفي بعض الأحيان ينص أنه فعل ذلك لأنه متردد هل هو سمع من الصحابة أو لم يسمع من الصحابة، فيضعه في كلا الطبقتين على الاحتمال، فلعل فعله في هؤلاء الضعفاء الذين أو هؤلاء الذين أوردهم في الثقات والمجروحين كان من باب التردد أيضًا.
¥