تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معنى " الطبقة " في عرف المحدثين]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[05 - 09 - 06, 04:23 م]ـ

الطبقة

الطبقة لها عند المحدثين والمؤرخين مَعان بينها في الأصل كثير من التقارب؛ وإليك أهم وأشهر معانيها عندهم واستعمالاتها الشائعة بينهم:

المعنى الأول: جماعة من الناس متعاصرون يشتركون في بعض ما له شأنٌ من أوصافهم وأحوالهم.

ومن أمثلة ذلك هذه الطبقات:

طبقة الصحابة، يشتركون في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حال إيمانهم به، بشرط موتهم على ذلك.

طبقة البدريين، وهم الصحابة الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في معركة بدر.

طبقة المهاجرين، وهم الصحابة الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.

طبقة التابعين، وهم المسلمون الذين لقوا الصحابة وليسوا منهم.

طبقة الكوفيين من التابعين، يشتركون في معنيين هما كونهم تابعين، وكونهم من أهل الكوفة.

وأكثر كتب الطبقات التي ألفها القدماء كخليفة بن خياط وابن سعد وغيرهما، أُلفت لمثل هذا المعنى الأول من معاني الطبقات.

المعنى الثاني – وهو أخص من المعنى الأول -: وهو الأقران، فيقال: زيدٌ من طبقة شيوخ البخاري، ويقال: عمرو من طبقة سفيان الثوري، أي يصلح لمشاركة سفيان في معظم شيوخه وتلامذته.

وهذا التعبير شهير عند المحدثين وشائع في استعمالهم؛ فهم يطلقون الطبقة على الرواة الذين يتعاصرون ويتقاربون في السن ويشتركون في غالب شيوخهم، ويشترك في السماع منهم غالب تلامذتهم، وهؤلاء هم الأقران؛ فتراهم يقولون: فلان من طبقة شيوخ زيد ولكن زيداً لم يسمع منه؛ ويقولون: فلان من طبقةِ شيوخِ شيوخِ عمرو فكيف يسمع منه عمرو؟! وهذا المعنى هو الغالب في استعمالهم لهذه الكلمة (1).

وهذا الاصطلاح كثير عند المحدثين متكرر في تواريخهم وسائر كتبهم في الرجال والعلل.

فابن حجر - مثلاً – قسم رجال الكتب الستة ومؤلفات أصحابها الأخرى في كتابه (تقريب التهذيب) إلى اثنتي عشرة طبقة، بيَّن شروطه فيها في مقدمته، فذكر هناك أنه يذكر فيما يذكره في الترجمةِ التعريفَ بعصر الراوي بحيث يكون قائماً مقام ما حذفه مِن ذِكْر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمَن لبسه، وذكر أن طبقاتهم انحصرت - باعتبار ذلك - في اثنتي عشرة طبقة، ثم بينها بقوله:

(وأما الطبقات:

فالأولى الصحابة على اختلاف مراتبهم، وتمييز من ليس له منهم الا مجرد الرؤية، من غيره.

الثانية: طبقة كبار التابعين كابن المسيب، فإن كان مخضرماً صرحت بذلك.

الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين.

الرابعة: طبقة تليها جل روايتهم عن كبار التابعين كالزهري وقتادة.

الخامسة: الطبقة الصغرى منهم، الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش.

السادسة: طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج.

السابعة: كبار أتباع التابعين كمالك والثوري.

الثامنة: الطبقة الوسطى منهم كابن علية وابن علية.

التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كيزيد بن هارون والشافعي وابي داود الطيالسي وعبد الرزاق.

العاشرة: كبار الآخذين عن تبع الأتباع ممن لم يلق التابعين كاحمد بن حنبل.

الحادية عشرة: الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري.

الطبقة الثانية عشرة: صغار الآخذين عن تبع الأتباع كالترمذي وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة الذين تأخرت وفاتهم قليلاً كبعض شيوخ النسائي.

قال: وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم، فإن كان من الأولى والثانية فهم قبل المئة، وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة فهم بعد المئة؛ وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات فهم بعد المئتين، ومن ندر عن ذلك بينته).

قلت: وبهذا يعلم اصطلاح ابن حجر في هذه الكلمات التي يستعملها في تراجم (التقريب) مثل قوله (من الثانية) أو (من الثالثة)، وما بعد ذلك، وكذلك يعلم اصطلاحه في تواريخ الوفيات في ذلك الكتاب، فإنه يحذف فيما يذكره من ذلك ذكر المئات غالباً ويقتصر على ما زاد عليها، مثل أن يقول فيمن توفي في سنة مئة وثمانين: (توفي سنة ثمانين)، مستغنياً عن ذلك بما يبينه من طبقات الرواة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير