تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سواء كان الاختلاف في الإسناد كأن يكون الحديث روي موصولًا مرسلًا ومتصلًا، موقوفًا ومرفوعًا، فيخرج الوجهين ليبين أن فيه خلاف، وأن هذا الحديث فيه اختلاف بين الرواة، وأيضًا في المتن كما سبق في حديث الكسوف، لَمَّا صار في تضاد في المتن يخرج الوجهين ليبين أن هذا الحديث فيه اختلاف، وأيضًا مثال آخر في المتن الذي ذكرناه بالأمس حديث اضجاعة الفجر وهل هي قبل راتبة الفجر أو بعد راتبة الفجر، فقد قام مسلم بإخراج رواية مالك وبجَمْع من الرواة الذين خالفوه في هذا اللفظ ليبين أن هذه الرواية من مالك وهم وأنه قد أخطأ في هذه الرواية.

يبقى قضية مهمة بعد أن بينا أن من منهج الإمام مسلم أن يخرج الأحاديث المعلة: أنه ظاهر كلام الإمام مسلم في الموطن الثالث وموطن آخر أنه يبتدئ بالأحاديث التي لا علة فيها ويؤخر الأحاديث المعلة في آخر الباب، فهل التزم مسلم بهذا الترتيب تمامًا؟

الذي يظهر لي أنه لم يلتزم بهذا الترتيب على الصراط، قد يكون هذا هو الغالب في كتابه أنه إذا ذكر حديثًا معلًّا فإنه يؤخره عن الحديث الصحيح ولكن هناك بعض المواطن ابتدئ بالحديث المُعَلِّ مثل حديث اضجاعة الفجر الذي رواه مالك؛ فإنه صدَّر به الباب، ثم أورد الرواية الأخرى التي تخالف الإمام مالك، مما يدل على أنه لم يلتزم هذا الترتيب في كتابه، وإن كان يمكن أن يقال بعد الاستقراء، وأنا لم أقم بهذا الاستقراء، والأمر يحتاج إلى بحث عميق جدًّا، وهو أن تُدرَس أبواب مسلم على هذا المنهج لنعرف ما هي الأحاديث التي أخرجها الإمام مسلم ليبين علتها؟ وما هي طريقة إعلاله لها؟ وما هو رأيه فيها؟


طبعًا بعد أن انتهيتُ من هذا الكلام أنبه إلى أن ذلك لا يعني أن مسلمًا جعل كتابه كتابًا في العلل، هو سماه " الصحيح "، لكنه – كما ذكرت – أنه قد يخرج الأحاديث الْمُعَلة في بعض الأحيان ويبين عللها، ولا يخرجه ذلك عن أن يكون من كتب الصحاح وليس من كتب العلل، وقد سبق أن الإمام البخاري فعل ذلك، والحافظ ابن حجر كان ينبه إلى أن البخاري قد يخرج أحاديث لبيان علتها ونفس البخاري أخرج بعض الأحاديث وأعلها كما سبق، فكون صاحب " الصحيح " يُخرج في بعض الأحيان أحاديث ويبين عللها لا يعني ذلك أن كتابه خرج عن موضوعه الأصلي، وإنما يضيف هذه الفوائد لينبه على علل تلك الأحاديث وليبين لِمَا اختار هذه الرواية – يعني التي صححها – دون الرواية الأخرى التي تخالفها، حتى لا يقول قائل: لماذا لم يخرج الرواية الأخرى لعلها أصح؟ لينَبِّهك بذلك إلى أنه كان على علم بالخلاف وأنه ما اختار هذه الرواية إلا على علم وفهم وإحاطة باختلاف الرواة، وأن هذا الاختيار كان بناءً على اتباع القواعد الصحيحة بالقبول والرد.
ما هو عدد الأحاديث المعلة في " صحيح مسلم "؟
سبق أن ذكرنا بأنها في كتاب " التتبع " بلغت أربعة وتسعين حديثًا، منها حديث في مقدمة " صحيح مسلم "، وهنا ننبه إلى قضية مهمة، وهي أن مقدمة " صحيح مسلم " لم يشترط فيها الصحة، وهذا أمر مهم جدًّا لمن يتعامل مع كتاب " مسلم "، وقد أورد في هذه المقدمة بعض الرواية وبعض الرواة الذين هو نفسه يضعفهم، وقد ضعف عددًا منهم في نفس هذه المقدمة، فالمقدمة شأنها شأن آخر غير شأن بقية " الصحيح "، ولذلك يميزون العلماء بين من أخرج له مسلم في المقدمة ومن أخرج لهم في " الصحيح "، فمثلًا المزي وابن حجر إذا أرادا أن يذكرا الراوي الذي أخرج له مسلم في " الصحيح "، ما هو رمز مسلم عند المزي؟
(م).
طيب! إذا كان في المقدمة؟
(مق).
لماذا هذا التفريق؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير