تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا مثل ما جاء في قصة عمرو بن سلِمة الجرمي، حين حدَّث عن أبيه قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً، فقال: " صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلُّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً "، قال عمرو: فنظروا فلم يكن أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقَّى من الرٌّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة، كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطُّون عنا است قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص (43).

فهذا الحديث دل عند طائفة من أهل العلم على صحة إمامة الصبي، وحقيقة الأمر أن صنيع القوم في تقديم عمرو مع صغره ليس في الرِّواية أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وعلم به فأقرَّه.

غير أن محقق القولين: أن ما جاء منقولا فعله عن أحد من الصحابة في حياة النبي الله عليه وسلم فهو مرفوع حكماً، ودليل يحتج به، وهو لاحق بالتَّشريع التقريريِّ، وذلك من أجل أن الله تعالى مطلع، والوحي ينزل، وكم نزل في القرآن في أشياء من أحوال الناس يومئذ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها إلا حين ينزل الوحي بخصوصها؟

ويشهد لهذا ما صح عن عبد الله بن عمر قال: كنا نتقي كثير من الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مخافة أن ينزل فينا القرآن، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا (44).

المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن.

إذا كان يتصل بسبب نزول، فهو حديث مسند، وإن لم يكن يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم

(45)، من أجل أن النزول كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن كان بيانا لمعنى، فهو موقوف، إلا أن يكون خبراً لا يقال مثله من قبل الرأي والا جتهاد، فهذا يكون مرفوعاً حكماً بشرط أن يؤمن كونُ ذلك الصحابي لم يؤخذ عن أهل الكتاب، على ما تقدم بيانه في (المسألة الرابعة).

______

حاشية:

(19) الكفاية (ص: 58).

(20) وانظر: الكفاية، للخطيب (ص: 587).

(21) مُسند أبي يعلى (رقم: 720) وإسناده صَحيح. وأبو خيْثمة هو الحافظ زُهير بنُ حرب.

(22) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 586) عن كتاب " العلل " للخلال.

(23) أخرجه أبو داود في " سننه " (رقم: 5250) وإسنادُه جيد.

(24) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 588) وإسناده صحيح.

(25) الكفاية (ص: 589).

(26) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (1/ 580 رقم: 2210) ومُسلم في " صحيحه " (1/ 459).

(27) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/ 138 رقم: 11631).

(28) أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص: 21) وابن عدي في " الكامل " (6/ 169).

(29) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (3/ 22) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 589) وإسناده صحيح.

(30) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 20) وإسناده جيد.

(31) شرح معاني الآثار (1/ 20).

(32) حديث صحيح. أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " _ كما في " تفسير ابن كثير " (4/ 364) _ ومن طريقه: البيهقي في " الشعب " (2/ 474 رقم: 2444). وكذا الدارمي (رقم: 3410) عن أبي النعمان عارم بن الفضل، كلاهما عن هُشيم بن بشير، قال: حدثنا أبو هاشم، عن أبي مِجلز، عن قيس بن عُباد، عن أبي سعيد، به.

قلت: وإسناده صحيح، واختلف فيه رفعاً ووقفاً، والصواب موقوف من جهة الإسناد، وكذلك رجَّح وقْفه النسائي والبيهقي، وشرحت علَّته في " الأجوبة المرضية " (السؤال الخامس).

(33) انظر: معرفة علوم الحديث، للحاكم (ص: 22)، والكفاية، للخطيب (ص: 591 _ 595).

(34) الكفاية (ص: 592).

(35) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 757) ومسلم ٌ (رقم: 535).

(36) الأحكام في أصول الأحكام (2/ 72).

(37) الأم (1/ 271).

(38) ثمرته: هو العُقدة التي تكون في طَرفه، فتُقطع، ويُدق السوط بين حجرين ليلين ليَكون أيسر على من يُضرب به.

(39) أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 50 _ 51) وابنُ عبد البر في " التمهيد " (5/ 334)، وعلته حَنظلة فإنه ضعيف الحديث.

(40) انظر: الكفاية، للخطيب (ص: 595).

(41) أثرٌ صحيح. أخرجه ابنُ سعد في " الطبقات " (2/ 374) أخبرنا أبو داود الطيالسي.

والحاكم (1/ 94 رقم: 322) _ وعنه البيهقي في " المدخل " (رقم: 419) _ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شعبة، عن علي بن الحَكم، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.

وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم ".

قلت: إسناده صحيح.

ورواه عفان بن مسلم عن شعبة، به مختصراً، ولم يذكر أبا سعيد، أخرجه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (رقم: 948) و " الجامع لأخلاق الراوي " (رقم: 1207). وهو بذكْر أبي سعيد أصح.

(42) معرفة علوم الحديث (ص: 19).

(43) أخرجه البُخاري (رقم: 4051).

(44) حديث صحيح. أخرجه أحمد (9/ 213 رقم: 5284) واللفظ له، والبُخاري (رقم: 4891) وابن ماجة (رقم: 1632) من طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.

(45) معرفة علوم الحديث (ص: 20)، وانظر كتابي: المقدمات الأساسية في علوم القرآن (ص: 45).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير