تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمقصود مما تقدم أن طرق الأداء التعبيري تختلف فبعضها حسن وبعضها قبيح، والعبرة بالقوانين والأصول وليست بكل ما قيل، وكون اللغة ثقافة فهذا صحيح، ولكن كل ثقافة فيها الحسن والقبيح، فالحسن يعرف ليعمل به، والقبيح يعرف ليجتنب لا ليسود.

3 - السؤال الثالث:

لا شك أنه تواتر عن السلف أنهم كانوا يستقبحون اللحن في الكلام فيما بينهم، وليس ذلك خاصا بالعبادة فقط، ويعرف ذلك بالنظر في مصنفات أهل العلم التي أفردت لهذه المسألة، ككتاب (الصعقة الغضبية على منكري العربية) للطوفي، وكتاب (روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام) لابن الأزرق، وغيرها.

بل أثر عن كثير من السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن، وأثر عن بعضهم أنه كان يقول: لأن أعرب آية أحب إلي من أن أقرأ عشر آيات، وكان الخلفاء يزيدون في جوائز الفصيح عن اللاحن، وفي الجملة فاهتمام السلف باللغة والمحافظة عليها أشهر من أن يحاط به.

فهذا كله يدل على أن العربية من الدين، ولا نقصد بذلك فهم النصوص الشرعية على مقتضى العربية فإن هذا من الدين بلا جدال، وكذلك لا نقصد بذلك تعلم العربية لإقامة العبادات وقراءة القرآن قراءة صحيحة، فإن هذا من الدين بلا جدال، ولكن المقصود استعمال العربية في التخاطب.

وأيضا تجب الإشارة إلى أن هناك ارتباطا واضحا بين الأمرين، لأن اللغة سليقة في المقام الأول، ومهما بعدت سليقتنا عن العربية أثر ذلك في صحة فهمنا لنصوص الشارع، ولذلك كثر النزاع والخلاف وسوء الفهم بعد الفتوح الإسلامية ودخول الأعاجم في الإسلام وإقدامهم على فهم نصوص الكتاب والسنة ببضاعة مزجاة من علوم العربية، والله المستعان.

والمتأمل في حال السلف (أيام اللغة سليقية) يجد الخلافات بينهم أقل كثيرا جدا من الخلافات بعد دخول الأعاجم (أيام اللغة فاسدة)، ومعظم الخلافات مبناها على الخطأ في فهم النصوص الشرعية بسبب الجهل الشديد بلغة العرب.

وينبغي أن نشير إلى أن تطلب علم العربية يقتضي النظر في أشعار الجاهليين وأحوالهم، وهذا يقتضي تعلم ثقافة مليئة بالجهل والكفر والفساد، وهذا صحيح في الجملة، ولكن الأمر كما قال الخليل بن أحمد: (لن تدرك من هذا الأمر ما تحتاج إليه إلا بمعرفة ما لا تحتاج إليه).

هذا ما حضرني في الوقت، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

ـ[فريد البيدق]ــــــــ[01 - 03 - 07, 01:35 م]ـ

الكريم "أبو مالك"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

سعيد بعود الحوار، وممتن على التفاعل المتميز، ومعتذر عما أوحت به الصياغة من أشياء لم تدر ولن تدور بخلدي- أيها الحبيب!!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير