و أما النقل: فإن القرآن دل على أن البيان يكون بجميع اللغات، و لا يختص بلغة دون أخرى، قال تعالى: چ ? ? ? ? ? ? ? ? ںں چ سورة إبراهيم: 4. وقال تعالى: چ چ چ ? ? ? ? چ سورة الرحمن: 3 ـ 4. فإن الآية الأولى جاءت في مقام الحصر، و الثانية جاءت في مقام الامتنان، وكلتاهما مفيدة للمطلوب.
و لم يثبت ما يدل على أن المراد بالإنسان في الآية الثانية إنما هو العربي فقط.
و البيان: الجمهور على أن المراد به الكلام و الفهم و هو الراجح، و قيل: بيان الحلال والحرام، و الهدى و الضلال، و قيل: الخير و الشر.
و في مجمع البيان: " البيان الكشف عن الشيء و هو أعم من النطق؛ مختص بالإنسان ".
و في الكشاف: " ثم ذكر ما يتميز به من سائر الحيوان من البيان، و هو المنطق الفصيح المعبر عما في الضمير ". اهـ.
و لكون البيان لا يختص بالعربية قال: "ثم ذكر ما يتميز به من سائر الحيوان "، و لم يقل أحد أن البيان من خصائص اللغة العربية، و لو قالها لرد عليه شاهد العيان، وصريح العقل، و صحيح النقل.
و لو اقتصر على أن اللسان العربي هو لغة القرآن - و كفى بذلك شرفا و فخرا ــــ ما وقع في هذا الخطأ و الخطأ الذي بعده، و هو قوله: "و أنه لغة أهل الجنان ".
و هذا مبني على حديث واه بل موضوع، رواه الحاكم في " المستدرك "، و"المعرفة "، و العقيلي في " الضعفاء "، و الطبراني و غيرهم.
وفيه عند هؤلاء جميعا:
× العلاء بن عمرو الحنفي، و هو متروك.
× و يحيى بن يزيد ـــــ كذا ـــ، و هو ضعيف.
×و ابن جريج مدلس و قد عنعن.
فمثل هذا يقول عنه علماء الحديث: إسناده مظلم!.
و متابعة محمد بن الفضل لا تنفع لكونه متهما بالكذب، و المتابع متروك. ولذا قال الحافظ الذهبي: " و أما ابن الفضل فمتهم، و أظن الحديث موضوعا ".اهـ.
و له شاهد من حديث أبي هريرة؛ رواه الطبراني في "الأوسط "، و فيه:عبد العزيز بن عمران و هو متروك، و انظر "الكامل "لابن عدي، و "مجمع الزوائد ".
و من الأخطاء الواقعة في تلك الرسالة، قوله:" إن من سنة شراح البخاري أن يقولوا: إن البخاري ترجم لكذا " .. الخ.
و وجه كون هذا خطأ، أن السنة العادة الجارية المطردة، و الأصل الذي تدور عليه:" جريان الشيء و اطراده في سهولة "، كما يقول ابن فارس في: "معجم المقاييس ".
و عليه يكون المعنى: عادة شراح البخاري الجارية و المطردة أن يقولوا: "ترجم لكذا .. "، و هذا ليس بصحيح؛ يعلم بطلانه من استقراء شروح البخاري وتصفح أجزائها.
فـ"فتح الباري "، وهو من أهم شروح البخاري المنشورة و المتداولة، جاء فيه: "ترجم عليه "، و "ترجم به "، و "ترجم له "، كما جاء فيه لفظ الترجمة مضافا إلى المفعول.
وصاحب "عمدة القاري " إنما يذكر "بوب " في الغالب، وفي النادر يذكر: "ترجم عليه "، و كأنه أراد بذلك مخالفة الحافظ ابن حجر في تعديته ترجم بعدة حروف.
وبتتبع "عمدة القاري "و مقابلته بـ"فتح الباري "يعلم أن "البدر "يقصد مخالفة "الشهاب" ــــ الذي تفوق على البدورـ متعمدا.
أما العلامة الناصر ابن المنير فقد استعمل:" ترجم عليه" في موضع واحد أو موضعين من "المتواري "، حسبما وصل إليه تصفحي.
و أما صاحب "كوثر المعاني الدراري" الشيخ الشنقيطي؛ فإنه استعمل: "ترجم به"، و "ترجم عليه ".
أفمع هذا يصح أن يقال: "إن من سنة شراح البخاري أن يقولوا ترجم له "؟!! ومن هم هؤلاء من غير شراح البخاري الذين يقولون: "ترجمه "، و "ترجم له "، و تلك سنتهم وعادتهم المطردة؟!!.
وقوله:" إن المعاجم التي بين يدي ما ذكرت هذا الفعل المتعدي باللام، وإنما ذكرت المتعدي بنفسه،و بعن، بوزن فعلل لاغير " اهـ. من أقوى الأدلة على أن هذا "البعض "يجهل اللغة العربية و مناهج المعاجم، و لا سيما التمييز بين المتعدي واللازم، و لو علم أن العرب تستعمل الفعل الواحد متعديا بنفسه تارة، و بالهمزة أخرى، و بحرف الجر تارة، و بدون ذكر متعلق أخرى، كما أن العلماء يستعملون هذا، ما قال ما قال!
فمن ذلك "نشر "يقال:نشر الموتى حيوا، و نشرهم الله أحياهم.
و هذه أمثلة من "القاموس ":
قال في مادة "بكر":" ابتكر: أدرك أول الخطبة "، فلم يذكر له مفعولا مع أنه متعد. و لو ذكر المفعول لقال: ك ابتكر الخطبة: أدرك أولها.
¥