تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قال: "احتطب المطر: قلع أصول الشجرة ". فلم يذكر له مفعولا، و لو ذكره لقال:: احتطب المطر أصول الشجرة: قلعها.

و كثير من الأئمة لا يفرقون بين المتعدي بنفسه والمتعدي بالحرف توسعا واعتمادا على فهم السامع.

فمن ذلك: "جاء "؛ يستعمل لازما ومتعديا بنفسه وبالحرف، يقال: جاء زيد: حضر، و جئت شيئا حسنا: فعلته، و جئت به: أحضرته معك، و جئت إليه: ذهبت إليه.

و من ذلك: "أتى "، يقال: أتى الأمر: فعله، و أتى عليه الدهر: أهلكه، وأتى الرجل: جاء.

ومن ذلك: "ذهب"؛ يقال ذهب: سار و مر، و ذهب في الدين مذهبا: رأى فيه رأيا، وذهب الشيء: أذهبه، و ذهب عليه: نسي، و ذهب عنه: ترك، و ذهب إليه: توجه.

ومن ذلك: "بحث "؛ يقال: بحثه، و بحث عنه: فتش، و بحث في الأرض: حفرها.

هذه الأمثلة و غيرها من اطلع عليها و علم الدواعي التي دعت إلى فعل ذلك، علم أن هذا الصنيع لا يدل على أن غيره لا يجوز، و علم مدى جهل هذا "البعض "بمناهج علماء اللغة في معاجمهم!، و سيأتي بيان ما فعله الحافظ في "الفتح "من تعديته ترجم بنفسه، و بحروف متعددة في مكان لاحق بحول الله.

و مما جاء في تلك الرسالة: "و في "المعجم الوسيط": ترجم الكلام بينه ووضحه، و كلام غيره، و عنه نقله من لغة إلى أخرى، و سلك فيه مسلك المرجعين السابقين؛ إلا أنه زاد ما نحن بصدده! فقال: ترجم لفلان ذكر ترجمته، ثم ذكر عقبه رمزا يشير إلى أنه غير عربي، و إنما هو مولد ... الخ ".

و عليه في هذا القول مؤاخذات:

المؤاخذة الأولى ـــ أنه جعل "المعجم الوسيط" مثل كلام "اللسان "و "القاموس "وبين الكلامين بون شاسع! قال في "اللسان ": ترجم كلامه: فسره بلسان آخر "، هذا في باب الراء. و في باب التاء: "الترجمان هو الذي يترجم الكلام، أي: ينقله من لغة إلى أخرى " اهـ كلام "اللسان ".

و في "القاموس "مع "التاج "فصل التاء من باب الميم: "الترجمان المفسر اللسان، و قد ترجمه عني و ترجم عنه إذا فسر كلامه بلسان آخر، و قيل نقله من لغة إلى أخرى " اهـ.

فأنت ترى أن "المعجم الوسيط "يطلق في معنى الترجمة، ولا يقيد بتفسير لغة بلغة، ولا بنقل لغة إلى لغة، بخلاف المعجمين الآخرين!

المؤاخذة الثانية ـــ أن ما هو بصدده إنما هو ترجمة للمسألة و ليس ترجمة للشخص، فإن تراجم الإمام البخاري هي عناوين المسائل، و تراجم الأشخاص إنما هي سيرهم، و لذا يقال: كتب التراجم، كما يقال: كتب السير، ولذلك سمى الإمام الذهبي كتابه الفذ في التاريخ "سير أعلام النبلاء" و منه "سيرة النبي e ".

وسيأتي بيان ما تستعمل فيه الترجمة بالأصالة وبالتوليد، إن شاء الله تعالى.

المؤاخذة الثالثة ـــ أنه جهل مراد "المعجم الوسيط "بالتوليد فراح يخبط، والتوليد أنواع: منها الاشتقاق، ومنها التعريب، ومنها النحت، ومنها تحويل الدلالة. و صاحب "المزهر" لما ذكر أمثلة من المولد جره الكلام إلى ذكر أمثلة هذا النوع المرفوض والمردود، و هو لحن العامة على سبيل الاستطراد. و قد كتب فيه من الأقدمين الكسائي "ما تلحن فيه العامة "، و الزبيدي الأندلسي "لحن العامة "، و الحريري "درة الغواص "وابن مكي الصقلي "تثقيف اللسان "، والصفدي "تصحيح التصحيف "، و مما كتبه في ذلك بعض المعاصرين "معجم الأخطاء الشائعة "، و "معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة "، و كلاهما لمحمد العدناني، و"الأخطاء الشائعة "لماجد الصائغ.

إن "ترجم الشخص " إنما هو من تحويل الدلالة، و هو الباب المطروق و السبيل المسلوك.

وإن تعجب؛ فأعجب ما استدل به هذا "البعض "على تصويب خطئه، وأغربه وأطرفه، أنه جعل "ترجم" على وزن الخماسي من لحن العامة، الذي هو من المولد المذموم. قال بعدما ذكر أنه لم يظفر ب"ترجم" في المعاجم التي بين يديه على كثرتها و تنوعها: "فما المانع من قبولها ــ يعني ترجم على وزن تفعل ـــ مولدة أيضا، و قد جاء في "أمالي "ثعلب: سئل عن التغيير فقال: هو كل شيء مولد، قال السيوطي في "المزهر": و هذا ضابط حسن يقتضي أن كل لفظ كان عربي الأصل ثم غيرته العامة بهمز أو تركه، أو تسكين أو تحريك، أو نحو ذلك مولد، و هذا يجتمع منه شيء كثير ". اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير