تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والبلاغة اشتمال الكلام على أحواله خصوصية ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn9)) تستفاد بها معان زائدة على أصل المعنى ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn10)) بشرط فصاحته كاشتمال قوله تعالى: ((فقالوا إنا إليكم مرسلون)) على حالة خصوصية وهي التأكيد بأن لإفادة معنى زائد وهو توكيد الخبر لأجل إبطال تردد المخاطبين فيه وذلك أمر زائد على أصل المعنى وهو الإعلام بكونهم رسلاً الذي يكفي لإفادته أن يقال أرسلنا إليكم أو نحن إليكم مرسلون وتسمى هذه الأحوال الخصوصية بالنكت وبالخصوصيات وهي تكثر وتقل في الكلام بحسب وجود الدواعي والمقتضيات من كثرة وقلة كالأدوية فإنها تشتمل على عقاقير كثيرة تارة وقليلة أخرى بحسب ما يحتاجه المزاج لإصلاحه، انظر مثلاُ قوله تعالى: ((هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور)) فنجد في قوله ((ينزل)) خصوصيتين: إحداهما التعبير بصيغة ((فعَّل)) الدالة على التكرير، والثانية التعبير بصيغة المضارع الدالة على التجدد والاستمرار لأن المقام للتبشير بزيادة الإخراج من الظلمات إلى النور يوماً فيوماً وفي كل حال، وانظر قوله في الآية الأخرى ((نزل عليك الكتاب بالحق)) فلا تجد في ((نزل)) إلا خصوصية واحدة وهي التعبير بصيغة (فعل) لأن المقام للامتنان، والامتنان يكون بما وقع لا بما سيقع والبليغ في إتيانه بهذه الأحوال في كلامه يراعي أحوال المخاطبين ومقامات الكلام ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn11)) فلا يأتي بنكتة وخصوصية إلا إذا رأى أن قد اقتضاها حال المخاطب واستدعاها مقام الكلام وبمقدار تفاوت المتكلمين في تنزيلها على مواقعها يتفاوت الكلام في مراتب البلاغة إلى أن يصل إلى حد الإعجاز الذي يعجز البشر عن الإتيان بمثله وهو الذي اختص به نوابغ بلغاء العرب مثل امرئ القيس والنابغة والأعشى وسحبان في أكثر كلامهم.

وحيث كانت البلاغة يتصف بها الكلام باعتبار إفادته عند التركيب والإسناد فلا جرم إن كان ملاك الأمر فيها راجعاً إلى ما يتقوم به الإسناد وكذلك كيفيات الإسناد والمسند إليه والمسند ثم تتفرع البلاغة في متعلقاتها من المعمولات أحوال الجمل وسيجيء كل نوع من ذلك في بابه.

باب الإسناد

الإسناد ضم كلمة إلى أخرى ضما يفيد ثبوت مفهوم أحداهما لمفهوم الأخرى نحو حاتم كريم وأكرم حاتماً، أو انتفاءه عنه نحو ما خالد جباناً ولا تقاتل خالداً سواء كان بالتعيين أم بالترديد ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn12)).

وحكم ما يجري مجرى الكلمة نحو الضمير المستتر والجملة الواقعة خبراً حكم الكلمة ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn13)) فالكلمة الدالة على المحكوم عليه ما تسمى مسنداً إليه والكلمة الدالة على المحكوم به تسمى مسنداً والحكم الحاصل من ذلك يسمى الإسناد ولكل من المسند إليه والمسند والإسناد عوارض بلاغية تختص به.

عوارض الإسناد وأحواله

شاع أن الإسناد من خصائص الخبر فلذلك كثر أن يصفوه بالخبري بناء على أن الإنشاء كالأمر والنهي والاستفهام لا إسناد فيه والتحقيق أن الإسناد يثبت للخبر والإنشاء فإن في الجمل الإنشائية مسنداً ومسنداً إليه فالفعل في قولك أكرم صديقك مسند والضمير المستتر فيه مسند إليه.

واعلم أن القصد الأول للمخبر من خبره هو إفادته المخاطب الحكم ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn14)) وقصد المتكلم بالجملة الإنشائية إيجاد مدلول الإنشاء ففي الأمر يقصد إيجاد المأمور به ويسمى الامتثال وفي النهي يقصد عدم إيجاد الفعل ويسمى الانكفاف وفي الاستفهام يقصد الجواب بالإفهام وهكذا.

وقد يخاطب بالخبر من يعلم مدلوله ويخاطب بالإنشاء من حصل منه الفعل المطلوب فيُعلم أن المتكلم قصد تنزيل الموجود منزلة المعدوم لنكتة قد تتعلق بالمخاطب أما لعدم جري العالم على موجب علمه كقول عبد بني الحسحاس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير