وهي المفاعيل؛ والظروف؛ والمجرورات؛ والحال، والتمييز، وأهم ما يتعلق به غرض البليغ هو أحوال المفاعيل وخاصة المفعول به فإنه الذي تعرض له أحكام الحذف دون غيره من المفاعيل لأنه إذا لم يذكر علمنا أنه محذوف إذ الفعل المتعدي يطلب مفعوله طلبا ذاتيا ناشئا عن وضع معنى الفعل المتعدي فإن الفعل اللازم وضع ليدل على حدث صادر من ذات واحدة والفعل المتعدي وضع ليدل على حدث صادر من ذات ومتعلق بأخرى. أما بقية المفاعيل فإنها إذا لم تذكر لا يوجد دليل يدل على أن المتكلم قصد ذكرها ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn20)) ثم حذفها وكذلك أحكام التقديم إنما تغلب مراعاتها في المفعول به.
فإذا لم يذكر المفعول به مع فعله المتعدي إليه ولم تكن قرينة على تقديره فحذفه حينئذ قد يكون لإظهار أن لا غرض بتعليق ذلك الفعل بمفعوله فينزل الفعل حينئذ منزلة اللازم بحيث يكون النطق به ليس إلا لقصد الدلالة على أصل معناه الحدثي إذا لم يجد المتكلم فعلا آخر يدل على ذلك المعنى أو لم يستحضره فحينئذ لا يقدر لذلك الفعل مفعول نحو ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) وقول البحتري يمدح المعتز بالله العباسي
شجو حساده وغيض عداه
أن يرى مبصر ويسمع واعي
فلم يذكر مفعول يرى ويسمع لأنه أراد أن يوجد راء وسامع فلا غرض لمعرفة مفعول. والمعنى أن الرأي لا يرى إلا آثار الخليفة الحسنى والسامع لا يسمع إلا ثناءه. وقرينة ذلك قوله شجو حساده. لأن ذلك هو الذي يشجو حساده ويغيض عداه وقد يكون الحذف لقصد التعميم مثل ((والله يدعو إلى دار السلام)) أي يدعو كل أحد وإنما قلنا آنفا ((ولم تقم قرينة على تقديره)) لأنه إن كان المفعول مقدار منوي اللفظ فهو كالمذكور والقرينة أما من نفس الفعل بأن يكون مفعوله معينا لأنه لا يتعدى إلا إليه كقول عمرو بن معد يكرب
فلو أن قومي انطقتني رماحهم
نطقن ولكن الرماح أحبرت
فإن فعل أجر معناه شق اللسان فمفعوله متعين. وإما بأن يكون عليه قرينة لفظية وهو كثير.
وأما تقديم المفعول وما معناه كالجار والمجرور والظرف فقد يكون للحصر نحو ((إياك نعبد)) وفي الحديث الصحيح ((ففيهما فجاهد)) يعني الأبوين ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn21)) وهو كثير في كلامهم. وقد يكون لمجرد الاهتمام نحو ((وأما ثمود فهديناهم)) في قراءة النصب وقد يكون لغرض لفظي كالسجع والفاصلة في نحو ((ثم الجحيم صلوه. ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه)).
القصر ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn22))
القصر تخصيص حكم بمحكوم عليه بحيث لا يثبت ذلك الحكم لغير ذلك المحكوم عليه. أو تخصيص محكوم عليه بحكم بحيث لا يتصف ذلك المحكوم عليه بغير ذلك الحكم بواسطة طريقة مختصرة تفيد التخصيص قصدا للإيجار فخرج بقولنا بواسطة طريقة مختصرة إلخ نحو قول السموأل
تسيل على حد الظبات نفوسنا
وليست على غير الظبات تسيل
فإن هذا المثال اقتضى تخصيص سيلان النفوس أي الدماء بالكون على حد الظبات لكن ذلك ليس مدلولا بطريقة مختصرة بل بجملتي إثبات ونفي.
والمراد بالحكم والمحكوم عليه الأمر المقصود قصره أو القصر عليه سواء كان أحد ركني الإسناد نحو ((ما محمد إلا رسول الله)) أم كان متعلق أحدهما كالمجرور المتعلق بالمسند في قول كعب بن زهير
لا يقع الطعن إلا في نحورهم
وما لهم عن حياض الموت تهليل
فقصر وقوع الطعن على الكون في نحورهم وكالحال المخصصة للمسند إليه نحو: إنما الشاعر زهير راغبا. إذا أردت قصرا أدعائيا في حالته هذه (لقولهم: زهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا طرب، وعنترة إذا ركب).
وكالظروف في قول عمر بن أبي ربيعة
فقالت وألقت جانب الستر إنما
معي فتحدث غير ذي رقبة أهلي
أي إنك لا تتحدث الآن إلا معي فقل ما شئت. فالمخصوص بشيء يسمى مقصورا والمخصوص به شيء يسمى مقصورا عليه والمقصور هو الذي لا يتجاوز المقصور عليه لغيره والمقصور عليه هو الذي لا يشاركه غيره في الشيء المقصور. فالاختصاص والحصر مترادفان.
¥