تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقصر إما القصر موصوف على صفة بمعنى أن لا يتجاوز الموصوف تلك الصفة إلى صفة أخرى. وأما القصر صفة على موصوف والمراد بالصفة والموصوف هنا الحكم والمحكوم عليه لا الصفة المعروفة في النحو.

وطرق القصر ستة وهي: النفي مع الاستثناء، وإنما، والتقديم، لما لحقه التأخير من مسند ومفعول ومعمول فعل. والعطف بلا وبل ولكن. أو ما يقوم مقام العطف من الدلالة على الاستدراك لإثبات بعد نفي أو عكسه. وتعريف المسند. وتوسيط ضمير الفعل. وهذه أمثلتها على الترتيب: قول لبيد

وأما المرء إلا كالشهاب ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn23)) وضوئه

يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

وقوله تعالى ((إنما حرم عليكم الميتة)). وقوله تعالى ((لكم دينكم ولي دين)) وقوله تعالى ((إياك نعبد وإياك نستعين)) وفي ذلك ((فليتنافس المتنافسون)).

ومثال طريق العطف بلكن بعد الواو قوله تعالى ((ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما)) وكذا قوله تعالى ((من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله)) فهو قصر بعد قصر لأن قوله ((إلا من أكره)) أخرج المكره من الكافر ثم أخرج منه من شرح بالكفر صدرا فالتقدير من كفر بالله مكرها لا غضب عليه ولكن من شرح بالكفر صدرا. وأعلم أن هذه الآية فيها ثلاثة طرق من طرق القصر. ومثال العطف بلا ((اللهم حوالينا ولا علينا)) فالواو زائدة والمعنى لا تنزل المطر إلا حوالينا.

وأما طريق تعريف المسند فأعلم أن التعريف الذي يفيد القصر هو التعريف بلام الجنس فإذا عرف المسند بها أفاد قصر الجنس على المسند إليه نحو ((أنت الحبيب)) قصر تحقيق و ((هو العدو)) قصر إدعاء ((والحزم سوء الظن بالناس)) قصر قلب ((إن شانئك هو الأبتر)) كذلك.

وإما توسيط ضمير الفصل فنحو ((ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عبادة)) ونحو ((كنت أنت الرقيب عليهم)) و ((أن ترن أنا أقل منك مالا وولدا)) وضمير الفصل هو ضمير يتقدم على الخبر ونحوه. ولا يفيد أكثر مما أفادته النسبة لعدم الحاجة إليه في ربط.

وأعلم أن طريق النفي والاستثناء وإنما والعطف بلا وبل ولكن؛ متعينة للقصر. وإما التقديم وتعريف المسند والفصل فقد تكون للقصر وقد تكون لغيره ولكن الغالب كونها للقصر فيستدل عليه منها بمعونة القرائن في المقام الخطابي.

والقصر نوعان حقيقي واضحي لأن التخصيص لشيء إن كان مبنيا على أنع كذلك في الواقع ونفس الأمر فهو القصر الحقيقي. وإن كان مبنيا على النظر لشيء آخر يقابل الشيء المخصص به فقط لإبطال دخول ذلك المقابل فهو قصر إضافي تدل عليه القرينة. فالأول كقولك إنما الخليفة فلان. الثاني كقولك إنما الكاتب زيد أي إلا عمرو ردا على من زعم أن عمرا كاتب ولا تريد أن زيد هو الكاتب في الأرض أو في البلد دون غيره والحزم سوء الظن بالناس أي ليس حسن الظن بحزم ولم يرد أن الحزم كله في سوء الظن. ومن القصر الحقيقي ما يسمى بالادعاءي وهو أن تدعي قصر الصفة على الموصوف لقصد المبالغة نحو قوله تعالى ((أن يدعون من دونه إلا إناثا)) مع أنهم دعوا هبل ويغوث ويعوق لكنهم لما أكثروا دعوة اللت والعزى ومناة جعلوا كالذي لا يدعو إلا إناثا. وقوله في حق المنافقين ((هم العدو فاحذرهم)) مع أن المتظاهرين بالشرك والكفر أعداء لكن لما كانت مضرة عداوة المنافقين أشد جعلت عداوة غيرهم كلا عداوة.

الإنشاء

الكلام كله إما خبر أو إنشاء. فالخبر هو الكلام الذي يحتمل الصدق والكذب بأن يكون للنسبة المعنوية التي تضمنها الكلام خارج أي وجود في نفس الأمر يوافقها تارة ولا يوافقها أخرى. فإن وافقها الخارج فهي صادقة وإن خالفها فهي كاذبة لأن الخبر يقصد منه حكاية ما في الوجود الخارجي فلا جرم لزم عرض نسبته على ما في الخارج. فإن نشأ عن ذلك العرض علم بأنها مطابقة بل هي مخالفة للخارج فهي كاذبة.

والإنشاء الكلام الذي ل يحتمل الصدق والكذب لأنه لم يقصد منه حكاية ما في الخارج بل هو كاسمه أحداث معنى بالكلام لم يكن حادثا من قبل في قصد المتكلم. وكل ما تقدم من الأحكام في الأبواب الماضية يجري في الخبر والإنشاء فلا غرض لذكر باب يخص الإنشاء هنا إلا للتنبيه على الفرق بينه وبين الخبر وللإشارة إلى أحكام قليلة بلاغية تختص بالإنشاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير