تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومبنى كلام العرب على الإيجاز ما وجدوا إليه سبيلاً لأن الأمة العربية أمة ذكية فابتنى كلامها على مراعاة سبق إفهامها ([36] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn36)) فقول المبرد في كامله ((من كلام العرب الإيجاز المفهم والإطناب المفخم)) تنويع للكلام لا قصد للتساوي بينهما، وكلها تجري على حسب مقتضي الحال.

أما المساواة فنحو قوله تعالى ((ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)) والإيجاز يكون إيجاز حذف وإيجاز اختصار أو قصر (بكسر القاف وفتح الصاد) فإيجاز الحذف كحذف المسند إليه والمسند والمفعول والتحذير والإغراء، وحذف المفعول أكثر أنواع الحذف في الإيجاز نحو قد كان منك ما يسوء أي كلّ احد نحو ((والله يدعو إلى دار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) وحذف المضاف نحو ((واسأل القرية)) وحذف الصفة نحو ((فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة)) أي صالحة، وحذف الجملة أو الجمل التي يدل عليها السياق نحو ((أن اضرب بعضاك الحجر فانفلق)) أي فضرب ونحو ((فأرسلون يوف أيها الصديق))، أي فأرسلوه فقال وكثير من أمثال العرب يشتمل على إيجاز لحذف.

وإيجاز الاختصار أداء المعاني بألفاظ أقل منها عدداً دون حذف بل بتوخي ما يفيد من الألفاظ عدة معان نحو قولهم في المثل ((القتل أنفى للقتل)) وقوله تعالى: ((ولكم في القصاص حياة)) وقوله في الحديث ((ليكن ثوبك إلى الكعبين فإنه أنقى وأبقى)) وقول المعري: ((أولو الفضل في أوطانهم غرباء)) أراد أن يقول إنهم مخالفون لأحوال عامة الناس كما بينه في بقية البيتين ([37] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn37)).

وكثير من أمثال العرب يشتمل على إيجاز الاختصار وكذلك حكم الحكماء، وأما الإطناب فبالتكرير في مقام التهويل نحو ((ويل يومئذ للمكذبين)) في سورة المرسلات ونحو ((قربا مربط النعامة مني)) في قصيدة الحرث بن عباد من إبطال حرب البسوس، وكنحو ذلك.

واعلم أن الإطناب والإيجاز قد يطلقان على التوسع في الغرض المسوق له الكلام والاقتصاد فيه فيعد من الإطناب الإتيان بالجملة المعترضة أو كثرة البيان والإيضاح، ومن الإيجاز ترك المقدمات في الخطب لضيق المقام ونحوه ([38] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn38)) وتعلق هذا النوع بفن البلاغة ضعيف بل هو من مباحث صناعة الإنشاء ([39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn39)).

فن البيان

هو علم به يعرف البليغ كيفية إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة على حسب مقتضى الحال فتلك الطرق هي: الحقيقة، والمجاز، والتشبيه، والتصريح، والكناية.

التشبيه

هو من الحقيقة ولكنه لكثرة وروده في كلام البلغاء وشدة عنايتهم به منذ حفظ الشعر العربي استحق التخصيص بالتبويب واستحق التقديم على المجاز لتوقف بعض أنواع المجاز عليه. فالتشبيه الدلالة الصريحة على إلحاق شيء بشيء في وصف اشتهر فيه الملحق به تقريبا لكمال الوصف المراد التعبير عنه كقولك هذا الفرس كالطائر في سرعة المشي ([40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn40)) والمراد بالصريحة ما كانت بلفظ دال على ألا لحاق ملفوظ أو مقدر. وخرج به الاستعارة والتجريد.

وأركانه أربعة: طرفاه: وهما المشبه والمشبه به ووجهه: وهو ما يشترك فيه الطرفان. وأدواته: وهي ما يدل على الإلحاق. أما الطرفان فقد يكونان حسيين وهو الغالب. وقد يكونان عقليين كتشبيه العلم بالنور والسيوف بأنياب الأغوال. وأما وجه الشبه فهو ما يتوهمه المتكلم وصفا جامعا سواء كان ثابتا في نفس الأمر كالشجاعة في الأسد أم كان ثابتا في العرف كتشبيه العجوز بالسّعلاة وتشبيه المعاقب على ذنب غيره بسبابة المتندم حين يعضها في قول ابن شرف القيرواني (المتوفى سنة 490)

غيري جنى وأنا المعاقب فيكم

فكأنني سبابة المتندم

أم كان ثابتا في الوهم والخيال كتشبيه النجوم في الظلام بالسنن في خلال الابتداع في قول القاضي التنوخي (المتوفى سنة 342)

وكأن النجوم بين دجاها

سنن لاح بينهن ابتداع

والأكثر حذفه في الكلام وقد يذكر لخفائه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير