تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولنبدأ بالكلام على المجاز المفرد ثم نتبعه بالمجاز المركب أما المجاز المفرد فقد تقدم تعريفه. فالمجاز المرسل المفرد كإطلاق الأيادي على النعم في قوله * أيادي لم تمنن وإن هي جلت* وإطلاق العين على الرقيب وإطلاق اللسان على الذكر الحسن في قوله تعالى: ((واجعل لي لسان صدق في الآخرين)) ونحو ذلك وتفاصيلها غير صعبة.

والاستعارة المفردة تجري في الأسماء والأفعال والحروف فكل كلمة من هاته الأنواع إذا استعملت في غير ما وضعت له لمشابهة ما استعملت فيه لما وضعت له فهي استعارة فاستعارة الأسماء كثيرة واستعارة الأفعال والحروف نحو *فلسان حالي بالشكاية أنطق* واستعارة الحرف في نحو ((ولأصلبنكم في جذوع النخل)) وقوله ((فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً)) ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn45)) ولا جدوى في تسميتها تبعية ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn46)) ولا يستعار الاسم العلم إلا إذا تضمن وصفا مشتهراً كحاتم بالجود وسحبان بالفصاحة.

تنقسم الاستعارة إلى مصرحة ومكنية.

فالمصرحة هي التي صرح فيها بلفظ المشبه به واستعمل في المشبه ملفوظا به أو مقداراً نحو (لدي أسد)، ونحو قول المجيب نعم لمن قال له مثلاً ((تناغي غزالاً عند باب ابن عامر؟)).

والمكنية ويقال استعارة بالكناية وهي أن يستعار لفظ المشبه به للمشبه ويحذف ذلك اللفظ المستعار ويشار إلى استعارته بذكر شيء من لوازم مسماه نحو قول أبي ذؤيب:

وإذا المنية انشبت أظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع

فقد ظهر من ذكر الأظفار أن المنية شبهت بالسبع وقول أبي فراس:

فلما اشتدت الهيجاء كنا

أشد مخالباً وأحد نابا

ولا يضر بقاء لفظ المشبه في الكلام لأنه صار مذكوراً لغير قصد التشبيه بل لإكمال معنى اللازم المذكور ألا ترى أنه يجيء مضافاً إليه كما في بيت أبي ذؤيب أو يكون مذكوراً في الخبر السابق كما في بيت أبي فراس ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn47)).

واعلم أن هذا اللازم الذي هو من ملائمات المشبه به في المكنية قد يكون غير صالح للاستعارة فالإتيان به إذاً لمجرد كونه من لوازم ماهية اللفظ المحذوف كالأظفار في بيت أبي ذؤيب وكقول لبيد في المعلقة:

وغداة ريح قد كشفت وقِرَّة

إذا أصبحت بيد الشَّمال زمامُها

فشبه ريح الشمال براكب أمسك بزمام فرس البرد وجعل له يداً ولا يصلح اليد لأن تكون تشبيها لشيء في معاني هذا البيت، وكذلك قوله تعالى: ((فكلوه هنيئاً مريئا)) شبه المال المأخوذ بالطعام والشراب وجعل له الهناء والمري وقد يكون هذا اللازم صالحاً للاستعارة أيضاً كما في قوله تعالى: ((الذين ينقضون عهد الله)) فإن النقض من لوازم الحبل الذي شبه به العهد ويصح مع ذلك أن يكون مستعاراً لأبطال العهد وكالأظفار في قول حسين بن الضحاك يخاطب عمرو بن مسعدة ليشفع له لدى المأمون الخليفة:

أنت يا عمرو قوتي وحياتي

ولساني وأنت ظفري ونابي

فإنه أراد تشبيه نفسه بسبع وتشبيه المخاطب بالشيء الذي به يدافع السبع عن نفسه وذلك لا يبطل دلالته على المكنية لأن مجرد إشعار اللفظ بلازم من لوازم المشبه به المكنى كاف في كونه دليلاً على المكنية ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn48)).

وأما المجاز المركب فهو الكلام التام المستعمل في غير ما وضع للدلالة عليه لعلاقة مع قرينه كالمفرد.

ولا يختص بعلاقة المشابهة بل قد تكون علاقته غير المشابهة كالحبر المستعمل في التحسر لعلاقة اللزوم نحو *هواي مع الركب اليمانين مصعد* وكالإنشاء المراد به الخبر كقوله *جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط* فيسمى حينئذ مجازاً مركباً فقط، وقد تكون علاقته المشابهة فيسمى استعارة تمثيلية وتمثيلا نحو: إني أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرىـ شبهت حالة المتردد في الرأي بحال المتردد في المشي واستعير المركَّب الدال على التردد في المشي للدلالة على معنى التردد في الرأي، وكذا قول عبد الله ابن المعتز:

اصبر على مضض الحسو

دِ فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل نفسها

إن لم تجد ما تأكله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير