تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقوله فالنار تأكل إلخ مركب مستعمل في غير ما وضع للدلالة على معناه إذ هو الآن مستعمل في معنى أن الحسود يرجع وبال حسده عليه ولا يضر به إلا نفسه كالنار تأكل نفسها إذا تركت ولم يلق فيها شيء تحرقه ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn49)) وكذلك قولهم انتهز الفرصة شبه هيئة المبادر للفعل بالمبادر لنوبة شرب الماء، والاستعارة التمثيلية تتفرع عن التشبيه المركب المتقدم ذكره.

هذا والبلغاء يتفننون فيأتون مع الاستعارة بما يناسب المعنى المستعار إغراقاً في الخيال فيسمى ذلك ترشيحاً نحو قول زهير:

لدي أسدشاكي السلاح مقذّف

له لبد أظفاره لم تقلم

فقوله له لبد أظفاره لم تقلم ترشيحان، وقول النابغة:

وبنو سوآءة لا محالة إنهم

آتوك غير مقلمي الأظفار

وقد يأتون مع الاستعارة بما يناسب المعنى المستعار له إغراقاً في الخيال أيضاً بدعوى أن المشبه قد اتحد بالمشبه به فصارا حقيقة واحدة حتى أن الأسد يحمل بيده سيفاً في قوله لدي أسد شاكي السلاح وحتى أن ريح الشمال تمسك بيدها زماماً في قوله ((بيد الشَّمال زمامها)) ويسمون ذلك تجريداً لأن الاستعارة جردت عن دعوى التشبيه إلى الحكم بالاتحاد والتشابه التام ويكون ذلك مع المصرحة والمكنية كما علمته في المصرحة، وأما المكنية فإن ما يذكر من لوازم المشبه به صالح أبداً ليكون ترشيحاً فكل من التجريد والترشيح إكمال للاستعارة وإغراق في الخيال ومن ثم لم يمتنع الجمع بينهما في كثير من كلامهم كما في بيت زهير المتقدم.

وهذا يحقق لكم أن كلا من الترشيح والتجريد مشتمل على مبالغة في التشبيه من جهة ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn50)) وأن الترشيح والتجريد يخالفان القرينة ([51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn51)) وأن الجريد ليس بنكول عن الاستعارة ([52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn52)) وأن التشريح قد يكون باقياً على حقيقته إذا لم يكن لمعناه الوضعي شبيه كما في قوله ((له لبد)) وقوله تعالى ((فكلوه هنيئاً مريئاً)) إذا كان معنى فكلوه فخذوه أخذاً لا رد فيه والهنيء المري من صفات الطعام ولم يقصد هنا استعمالهما في وصف للمال كالإباحة لأن معنى الإباحة قد استفيد من الأمر في قوله كلوه لأن الأمر هنا للإباحة، وقد يكون استعارة إذا كان لمعناه شبيه يناسب التشبيه كما في قوله تعالى ((واعتصموا بحبل الله جميعاً)) فهو استعارة على استعارة وإذا كان صالحاً لذلك لم يظن بالبليغ أن يفلته، ومن النادر أن يقصد المتكلم من التجريد إبطال الاستعارة فيكون التجريد بمنزلة إخراج الخبء كقولها

استغفر الله لأمري كله قتلت ظبياً ناعماً في دله انتصف الليل ولم أصله

فإنها لما أرادت تشبيه القرآن في براعة مستمعه بالظبي في براعة المنظر نبهت على أن الظبي قرآن يصلي به، وإذا جعل الترشيح استعارة لم يبطل ترشيحه للاستعارة الأولى لأن استفادة الترشيح حاصلة من صورة لفظه ([53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn53)).

وما يجري من الترشيح والتجريد في المجاز المفرد يجري في التمثيل فمثال التجريد فيه قوله تعالى: ((مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً)) إلى قوله ((ذهب الله بنورهم)) فإن جمع الضمير مراعاة للمشبه لا للمشبه به لأنه مفرد، ومثال ترشيح التمثيلية قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)) فجملة اثاقلتم تمثيل لهيئتهم في التنصل من الخروج بهيئة الجسم الثقيل في صعوبة تنقله وقوله إلى الأرض ترشيح.

الكناية

هي ما يقابل التصريح والمراد بها هنا لفظ أريد به ملزوم معناه مع جواز إرادة المعنى اللازم وبهذا القيد الأخير خالفت المجاز المرسل الذي علاقته اللزوم ([54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn54)) والأصل فيها أن يراد المعنى مع لازمه ويكون اللازم هو المقصود الأول فإن البدوي إذا قال ((فلان جبان الكلب ومهزول الفصيل)) أراد أن كلبه وفصيله كذلك والمقصد وصفه بالكرم فإذا شاع ذلك صح إطلاقه ولو لم يكن له كلب ولا فصيل كما إذا قيل في وصف الحضري فلان جبان الكلب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير