تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كم في المقابر من صريع لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان

و للسان موارد السوء يوم القيامة و العياذ بالله، و في الحديث (و هل يكب الناس على وجوههم – أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) و له آفات أفردت بالتأليف.

و قد رمز الحكيم باللبة إلى كل شر و رمز بقوله يرضع إلى كل خير، فكان المعنى أن حلاوة اللسان تدرأ نك كل شر و تجلب لك كل خير، و لكلام الحكماء أنجاد و أغوار على ما فيه من الإيجاز، و كذلك ينبغي أن تكون الأمثال و الحكم من دواعي الرواية.

و في قوله: (اللسان لحلو) ضرب من المجاز و ذلك لأن الحلاوة إنما وضعت للأذواق الحسية فلما كانت النفوس تجد في طيب الكلام ما تجده الأذواق في العسل وصفوا ذلك الكلام بالحلاوة تشبيها له بالعسل.

و إنه لما كانت النفوس تجد من المكروهات ما تجده الأذواق في العلقم وصفوا كل بالغ الكره بالمرارة و شبهوه بالعلقم قال عنترة:

فإذا ظُلمت فإن ظُلمي بَاسل ... مُرٌُّ مذاقه كطعم العلقم

و لقد زعموا أن أصول الطعوم أربعة الحلاوة والمرارة و الحموضة و الملوحة و ما واها فهو مركب منها و لا أدري ما صحته و هو شيء جرنا إليه ذكر الأذواق.

و فهم من تقييد اللسان بوصف لحلو على طريقة مفهوم المخالفة أن اللسان المر تنهشه اللبة و هكذا الأوصاف إذا ذكرت في الكلام فإنها إذا لم تفد تخصيص الموصوف بالحكم كان ذكرها عبثا تنزه عنه أقوال الحكماء إلا في موطن ليست حكمتنا منه، و هذه المسألة من مطالب أصول الفقه، فكان للحكمة وجهان منطوق يرغِّب و مفهوم يُرهِّب.

و اعلم أن اللسان في أصل وضعه يطلق على الجارحة كما في قوله تعالى (ألم نجعل له عينين و لسانا و شفتين) وقد يطلق على الكلام من باب تسمية الشيء باسم آلته و هو من ضروب المجاز عندهم، و بهذا المعنى جاء اللسان في قوله تعالى (و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) الآية، و على كلا المعنيين تجري كلمة اللسان في كلامنا، و قد استعمل الحكيم اللسان أولا بمعنى الكلام و ذلك لأنه وصفه بالحلاوة و الأولى أن تكون من صفات الكلام لا من صفات آلته، و ذلك لأن النفوس إنما تجد و ذلك لأن النفوس إنما تجد مذاقة الكلام فتصفه بعد ذلك بالحلاوة أو المرارة، و يوضحه أننا نصرح بهذا في محاوراتنا فنقول (لكلام لحلو) و نقول (كلامك حلو) فنطلق اللسان و نريد الكلام، و هذا شيء تعرفه العرب، لكن في قوله يرضع ضمير يعود على اللسان باعتبار الجارحة إذ لا يتَّأتى الرضاع إلا بها و لا يعقل حصوله من الكلام فالحلاوة وصف لائق بالكلام و الرضاع وصف لائق بآلة الكلام، فعلى هذا فإن الحكيم قد استعمل اللسان أولا بمعنى ثم أعاد الضمير عليه بمعنى آخر فإذا فهمت هذا فاعلم أن الذي جاء به حكيمنا يسميه أهل البيان بالاستخدام و هو أن يكون للفظ معنيان فيُستعمل أولا باعتبار معنى ثم يعاد عليه الضمير باعتبار المعنى الآخر و قد جعلوا منه قول الشاعر العربي:

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه و إن كانوا غِضابا

فمعنى السماء في الاستعمال الأول هو المطر و معناه عند عود الضمير عليه هو الكلأ، و لا يحضرني مثال من الدارجة إلا ما في هذه الحكمة فجعلتها مثلا، و حقها أن يمثل لها لا بها، و لا أدري أخَطر هذا على قلب حكيمنا أم هو شيء تقوَّلناه عليه؟ و في كل حال فإن كلامه محتمل لما ذكرناه.

يتبع ...

ـ[أبو أمينة]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:26 ص]ـ

يتبع ...

مع ذكر المصدر.

ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:19 م]ـ

الأخت الفاضلة أم هالة

ملاحظة:الذي أعلمه عن أصل لفظة "مسيد " ـ وإن لم أكن من أهل هذا الشأن ـ أنها لهجة تركية بقيت في البلاد التي حلوا بها من أرض الجزائر، ولذلك لاتجدينها في المناطق التي لم يستوطنها الاتراك، وأما العرب الذين ينطقون الجيم ياء، فإنهم يلفظونها بسكون السين المهملة وفتح الياء المثناة على غير الوجه الذي ينطقها أهل الجزائر.

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:46 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الأستاذ: الزبير مهداد

المصطلح التربوي في التراث العربي

مَسِيد

كلمة مسيد تعني الكتّاب مكان التعليم، والراجح أنها اختزال لكلمة المسجد، حيث كان في الأيام

الأولى مركزا للعلم والعبادة.

وكان المعلمون هم الذين يصلّون بالناس، فيقيمون مكاتبهم بجوار المساجد.

ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 03:18 ص]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... أخي عبد القادر. أنا لا أخالف في أصل الكلمة وإنما أقول أن الأتراك هم الذين كانوا يحرفون لفظة "المسجد " فيقولون "مسيد".

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[25 - 05 - 08, 10:13 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الدكتور / عبد المالك مرتاض

في كتابه " العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى "

" ,,, والذي يتأمل هذه الأشعار يجدها ذات أصول فصيحة، وهي لا تغترف من اللغات الأجنبية قطعًا، بل تستعمل لغة عامية عربية أقرب ما تكون إلى الفصحى. وهي ظاهرة لغوية رائعة، تدل على أصالة عروبة هذا الشعب، وعلى قوة شخصيته، وعلى متانة كيانه الحضاري".

ثم يعود إلى تأكيد مذهبه في انتماء عامية الجزائر إلى الفصيحة بقوله: " ولعل في هذا القدر من هذه الطائفة من الأمثال، ما يدل على أن الأمثال الشعبية الجزائرية تستعمل العربية السليمة في كثير من تراكيبها، وتستمد من أصولها الصحيحة. وكل ذلك يزيدنا اقتناعًا بنقاوة عاميتنا، واقترابها اقترابًا شديدًا من الفصحى".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير