وبيَّن الباحث الأسباب التي جعلته يختار شعر العزب موضوعاً لبحثه، وهي:
أ – تميز النتاج الشعري للعَزَب كيفاً وكماً.
ب – ثراء تجربة الشاعر وتنوعها.
ج – قلة الدراسات حول شعره.
د – امتلاكه رؤية خاصة في النظر لعصره وقضايا مجتمعه.
كما عرض الباحث مفهوم ’الخطاب discourse‘ وبيَّنَ أنه ينطوي على فكرة مراجعة الكلام بين مَن يتحاورون، وهذا معناه أن كل طرف من الأطراف المتحاورة يبذل جهده ليفهمه الآخرون، ويجنبهم سوء الفهم، ومن هنا كان الخطاب كل نطق يفترض متكلماً وسامعاً، ويفترض من المتكلم نية التأثير على الآخر.
ثم عرض الباحث لـ ’التأويل‘ باعتباره أحد أهم المداخل النقدية لإضاءة النص الشعري الحديث الذي صار فضاءً مثقلاً بالرموز والأساطير، والمفارقة، وتكثيف اللغة وتداخل الأنواع من أجل الوصول إلى المعنى العميق الذي ينطوي عليه الخطاب الشعري، والكشف عن الدلالات الأصيلة المتوارية في المكتوب المراد معالجته، مما يساهم بوعي في إنتاج وجهة النظر التي يتحملها الخطاب.
وفي الفصل الأول (الشاعر ورؤية العالم) أبرز الباحث أهمية تعانق عنصري الفكر والوجدان في العمل الأدبي؛ وذلك ليستجلي النظرة الكلية عند الشاعر العزب، وبيان مدى وعيه بقضايا الإنسان والوطن الأمر الذي يساعد على تأويل نصه الشعري. وقد عالج الباحث رؤية العالم لدى الشاعر العَزَب من خلال: (المكان – الزمان – الأنا - الآخر).
وتبيَّن للباحث:
أ – عمق رؤية الشاعر محمد أحمد العزب وخصوصيتها للنفس والكون.
ب – ارتباط الشاعر بالمكان (القرية – الوطن) على الرغم من غربته بعيداً عنهما.
ج – عداوة الشاعر للزمن ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
د – يتمتع الشاعر بحس إنساني كبير جعله يتفاعل مع قضايا الإنسان في قريته، وفي وطنه، ثم في العالم كله.
هـ - شجاعة الشاعر وجرأته في مواجهة الظلم وأهله، وقدرته على التمرد واقعياً وفنياً.
و – حِسِّيّة الشاعر في تعامله مع المرأة، فلقد كان جريئاً يعرف ما يريد من الأنثى، ويصل إليه من أقرب الطرق.
ز – سلبية نظرته إلى الحُكَّام، فلم يرَ فيهم سوى أفاقين أذلوا شعوبهم، وهادنوا عدوهم.
وفي الفصل الثاني (اللغة الشعرية وإشكالية التأويل) تحدث الباحث عن ثلاثة مباحث: (سيمياء العنوان)، (بنية المفارقة)، (شعرية الانزياح) وتبين للباحث:
أ – وعي الشاعر العزب بأهمية العنوان باعتباره ’عتبة‘ أولى لولوج النص، فلم تأتِ عناوينه اعتباطياً، بل تشكلت عن وعي واقتدار.
ب – نوَّع الشاعر عناوينه بين الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وقد غلب عليه – مثل معظم الشعراء – استخدام العناوين الاسمية.
ج – لم يستغل الشاعر العتبات النصية الأخرى بشكل فاعل، ومنها: الإهداء، العناوين الفرعية، والحواشي.
د – أجاد الشاعر استخدام المفارقة، وأبدع في تشكيلها، وبخاصة مفارقة الموقف والسخرية والمفارقة الدرامية.
هـ - نجح الشاعر في تحقيق أكبر قدر ممكن من ’الشعرية‘ لنصه، وذلك بحسن استغلال ما أتاحته له الشعرية من انزياحات في الإسناد، والدلالة، والتركيب.
وفي الفصل الثالث: (الصورة الفنية ... التشكيل والتأويل) تحدث الباحث عن مصطلح ’الصورة‘ مبيناً مفهومها وصعوبات الاقتراب منها وأهميتها، وتعرض الباحث إلى (الصورة والحقيقة – الصورة والخيال – الأنواع البلاغية ’التشبيه – الاستعارة – الكناية‘ – تراسل الحواس – الرمز – شعرية الألوان – الدراما – استدعاء الشخصيات – القناع).
وتبين للباحث:
أ – انعكاس عمق رؤية الشاعر العزب للكون على صوره الفنية، فاتصفت بالعمق والاستقصاء.
ب – انعكاس ثقافته النقدية العميقة على قدرته على تشكيل الصورة، فاستفاد من التقنيات الشعرية الحديثة: تراسل الحواس، الصور الدرامية، الرموز، الأقنعة، وغيرها.
ج – قوة وصدق عاطفته التي منحت الصورة حيويتها وحرارتها وحسن تأثيرها في المتلقي.
ثم جاءت أهم النتائج العامة للدراسة، ويوجزها الباحث في:
أ – فاعلية القراءة التأويلية في استبطان الخطاب الشعري الحداثي.
ب – عمق رؤية الشاعر محمد أحمد العزب للنفس وللكون، والتزامه بنصرة الحق ومقاومة الطغيان، مما أدى لبروز الجانب الإنساني في شعره.
ج – استفادة الشاعر العزب من ثقافته النقدية، ومن إلمامه بالتراث، وظهور أثر ذلك في شعره.
د – قدرة الشاعر على التصوير الشعري، ووضوح الجانب الدرامي فيه.
هـ - يظهر كل من الرفض والسخرية بوضوح في شعره، ويلعبان دورهما في تشكيل المفارقة الشعرية.
أما عن (توصيات الدراسة)، فيقترح الباحث أن ينظر زملاؤه الباحثون بعين الاهتمام إلى الموضوعات الآتية:
أ – القيام بدراسة عن (الدراما في شعر العزب)؛ وذلك لوضوح الجانب الدرامي في شعره من القناع وتعدد الأصوات والصراع والرمز والحوار.
ب – القيام بدارسة مقارنة عن (الرفض / التمرد في شعر العَزَب) ومقارنة ذلك بشعراء الرفض الآخرين، وعلى رأسهم أمل دنقل ونزار قباني على سبيل المثال.
ج – القيام بدراسة عن (صورة المرأة) في شعر العزب؛ لأنها احتلت مكانة كبرى في شعره.
د – القيام بدراسة مقارنة عن (محمد أحمد العزب بين نقده وإبداعه).
هـ - تجريب المنهج التأويلي على شعراء آخرين، وكذلك تجريبه في مجال السرد.
والله ولي التوفيق