تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لابد من عرض وتقديم التاريخ بأساليب تتلاحم مع طبيعته , بحيث تشرئب اليه النفوس , وتتطلع اليه الافئدة , ولابد أن يفهم المسلم حقيقة هذا التاريخ , وهذه الحضارة , وهناك أساليب متعددة لتقديمه , وطالما اجتهدت _ كما يقول الاستاذ الدكتور _ في التفكر في أفضل الاساليب , التي يجب أن توحي للسامع أو القارئ , بل وتدعه يحيا في أجواء هذا التاريخ , ليتصور بعقله ونفسه الجو الذي عاش فيه المسلمين , والذي استطاع أن ينتج هذه النماذج.

** هناك طريقتان معروفتان منهجيا في التعبير عن معاني الحياة الاسلامية , وتقديمها الى الآخرين: الاولى هي الكتابة في الفقه الاسلامي , والثانية هي تسجيل أحداث التاريخ الاسلامي.

وظيفة الفقه هي تقديم الاسلام عن طريق عرض النصوص وشرحها , ووظيفة التاريخ هي تسجيل الاحداث التي تحولت في النصوص الى واقع.

** التاريخ والحضارة:

ان التاريخ والحضارة متداخلان الى درجة يصعب فيها أن نميز أي منهما يؤثر على الآخر؟ وأنا _ كما يقول الأستاذ _ اعتبر أن الحضارة داخلة في التاريخ كالتربية في علم النفس , وكثير من علماء النفس يقولون ان التربية جزء من علم النفس , وكذلك أعتقد أن الحضارة جزء من التاريخ , لأن التاريخ يشمل كل المناشط الانسانية بكل الميادين والمستويات , وعلى ذلك فليس من المستغرب أن نقول ان التاريخ يستوعب لبحضارة وتدخل تحت جناحه , (خاصة اذا نظرنا الى مسيرة التاريخ بعمومه حيث هناك منحنيات ومرتفعات ومنزلقات تعبر فيها الامم عن الانحطاط أو الازدهار التاريخي).

** بين المؤرخ والفقيه:

ان المؤرخ يستطيع أن يقدم الاسلام بشكل مضيء, ولكن هذا يحتاج منه الى مؤهلات وميزات ومواهب , تحدثت عنها في كتابي "نظرات في كتابة التاريخ الاسلامي " , وقد فتح هذا الكتاب مجالا كبيرا لتساؤل الدارسين المهتمين , مفاده: من يكتب اذاً التاريخ الاسلامي اليوم؟ , فاضطررت الى اصدار كتاب آخر تحت اسم "تاريخنا من يكتبه " , تحدثت فيه عن المؤهلات التي يجب أن تتوفر فيمن يتصدر لكتابة التاريخ , ومواصفاته النوعية , التي تختلف عن مؤهلاته التخصصية والتي لابد أن تتوفر في كل من يتصدى لهذه المهمة الجليلة.

** ان الذي يكتب في تاريخ المسلمين اليوم , انما يقدم تاريخ أمة , ولكن ومع ذلك , يقدم تاريخ عقيدة وشريعة ومجتمع محفوفة بنسائم تلك الاجواء الكريمة الندية المضيئة. .

** الفقيه والمؤرخ:


**ان معظم الذين سجلوا تاريخنا من كبار علماء الاسلام , كانوا بين فقيه ومؤرخ , والفقه شرف لايشك أحد في انتساب صاحبه اليه و ولكنه ليس مؤهلا كافيا لكتابة التاريخ , ولذلك فانني كنت أنصح تلامذتي في جامعات العراق وفي كل مكان درّست فيه , وأحث من درس الشريعة منهم أن يجعل تخصصه في التاريخ الاسلامي , لانه بذلك يكون ملما بالشريعة , عالما بأصول تقديم التاريخ الاسلامي للمسلمين ولغير المسلمين.
أما الفقه وحده فلا يكفي للتعرض لعلم التاريخ لان النصوص وحدها لاتستطيع أن تكون شواهد على مافعله هذا الدين في قلوب أمة على مر العصور.
وان معظم الفقهاء الذين كتبوا في التاريخ , كان استشهادهم بالاحداث نوع من التلصيق _كما أسميه_!.

**ولدى الحديث عن التاريخ الاسلامي بين الفقهاء والمؤرخين , لابد أن نعرف أن الفقه والتاريخ أمران متلاحمان , الا أن الفقيه يستعمل التاريخ أقل من استعمال المؤرخ للنصوص, ولذلك كان هذان الصنفان أحسن من كتب تاريخنا.

** _بتصرف_
هناك قضية لابد من الوقوف عندها كثيرا وكثيرا جدا , وهي أن المسلمين على اختلاف عصورهم وأزمانهم وبلادهم وجنسياتهم ولغاتهم , في الماضي والحاضر , وفي كل البلاد وتحت سلطة أي نوع من أنواع الدول, يدرسون الاسلام , جميعا , بطريقة أو بأخرى , وبدرجة أو بأخرى , رجالا ونساء وأطفالا , عموم الامة تدرس دينها , ولايمكن أن يوجد مسلم لم يدرس شيئا عن دينه , وهذا أمر راقبته طويلا- الدكتور الحجي- , ورصدته وأحببت أن أسجله على هامش الحديث عن من ينبغ في هذه الامة لدراسة وكتابة تاريخها.
فنحن أمة دارسة متعلمة , ولايستقيم لنا عيش دون دراسة ديننا أو على الاقل الاعتماد على من يعلمنا ويشرح لنا هذا الدين.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير