تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بني إسرائيل على لسان داود) - (المائدة: 78) (ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) (ص: 26)، وأخيراً: (وألنا له الحديد. أن أعمل سابغات وقدر في السرد) (سبأ: 10ـ11).

وعلى هذا كان النبي داود خليفة لله في الأرض، وكان يمارس أعمال القضاء، وقد آتاه الله زبوراً، وألان الله له الحديد، حيث عمل سابغات، وكان بالوقت نفسه عالماً، ولابد لخليفة الله في الأرض من أن يكون حاكما عظيم الشأن على دولة واسعة الآفاق وهذا لا يتوافق مع تاريخ فلسطين، ثم إن القدس لم تكن قط عاصمة دولة كبيرة جداً وقوية إلى أقصى الحدود، ونبقى مع المسألة الفيصل وهي العمل بالحديد وصنع السوابغ، حيث من المقرر تاريخيا أن أول من استخدم الحديد في الأعمال العسكرية هم شعوب البحر، الذين اجتاحوا الشواطئ الشامية والمصرية، محدثين الدمار والحرائق، وما نحين لفلسطين – كما يعتقد الكثيرون – اسمها، فهم قد جاءوا من كريت، ومن بعض البلدان الأوربية التي امتلكت الحديد، وبذلك حققوا التفوق على الذين كانت أسلحتهم من البرونز، وكان ظهورهم في حوالي / 1200/ ق.م / فهل كان داود من شعوب البحر؟ طبعا لا، لأن اسمه عربي، والله تعالى قد استخلفه وانزل عليه الزبور، وبما أن الحديد لم يكن متوفرا في المشرق العربي، وأنه دوماً جرى استيراده من أوربا أو من آسيا الصغرى، أو من الهند، علينا البحث عن دولة كبرى استخدمت الحديد على نطاق واسع، فحققت بذلك نجاحات عسكرية باهرة، وهذا ينطبق فقط على الدولة الآشورية من بعد القرن الثامن قبل الميلاد، وطالما كان داود خليفة الله، وسيد دولة كبرى من نسل نوح، لابد أنه كان ملكاً آشوريا، ويدعم هذا اسم ابنه " سليمان" الذي هو اسم آشوري، والدولة العظمى التي حكمها سليمان لا تتطابق ملامحها ألا مع الدولة الآشورية، وصحيح أن الدراسات حول الدولة الآشورية كثيرة، نحن مازلنا نجهل الكثير من أخبارها، لأن الذي كشف من آثار الماضي أقل مما يزال تحت الأرض، يضاف إلى هذا أنه لدى نقل الكثير من آثار أشور في القرن التاسع عشر إلى أوربا، أخذت طبعات العديد من النصوص المهمة جداً، وقد أتلفت أوراق هذه الطبعات في المتحف البريطاني لأن نصوصها تعارضت مع مواد العهد القديم (26)، وعلى هذا استعار كتاب العهد القديم من تاريخ أشور: داود وسليمان والتمزقات التي عرفتها الدولة الآشورية، ومسخوا الجغرافيا ودنسوا الصدق والحقيقة.

وقبل أن ندع النبي داود عليه السلام، أبق مع صناعة السوابغ من الحديد، فالسابغة ثوب أو درع من زرد الحديد، يجره المقاتل على كعبيه طولاً، وتصنع السابغة بالعادة من حلق أو خواتم من الحديد تشبك مع بعضها (27) وكانت صناعة السوابغ حتى في أوربا في العصور الوسطى تحتاج إلى مهارة عالية في فنون صناعة الحديد، والى نفقات كبيرة جداً وإلى فرق من العمال البارعين، وذلك أن سابغة واحدة كانت تحتاج إلى عدد هائل من الحلق أو الخواتم، تصنع مفردة ثم يجرى شبكها مع بعضها، ولحمها مع بعضها بشكل متقن بوساطة النار الحامية والتطريق، واحتاج مثل هذا العمل إلى إمكانيات دولة كبرى مالياً وغير ذلك، وهذا ما لم يتوفر في فلسطين. وأختم حديثي هذا بالمسألة التي تواجهنا فيما يتعلق بالنبي سليمان، وملكة سبأ، المشهورة باسم بلقيس، فالدارس لتاريخ الدولة الآشورية، ولنصوص الآشوريين الكثيرة، يلاحظ كثرة الإشارات فيها إلى القوى البدوية العربية، والى دويلات عربية كانت محكومة من قبل نساء (28) وورد ذكر سبأ في القرآن الكريم مرتين، في المرة الأولى في سورة النمل (الآيات 19 – 44) حيث جلب طائر الهدهد خبراً إلى النبي سليمان عن (سبأ بنبأ يقين.إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم. وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون)، و أرسل سليمان رسالة إلى سبأ قال لهم فيها: (ألا تعلو على وأتوني مسلمين) وحاول السبأيون شراء رضاه بالمال فقال لرسوله: (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم ولنخرجنهم أذلة وهم صاغرون) وفي النهاية قدمت ملكة سبأ إلى عند سليمان، ولدى دخولها عليه حسبت ارض قاعة عرشه (لجة وكشفت عن ساقيها قال انه صرح ممرد من قوارير)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير