تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول لإبراهيم، وبإبراهيم وإسماعيل الذبيح، ارتبط حدث إعادة بناء الكعبة في مكة المكرمة، ومع إعادة البناء هذه الايذان بالحج، وأما قضية اسم أم إسماعيل بأنه كان هاجر، فأمر سهل التفسير، لأن أهل اليمن يطلقون على القرية أو البلدة اسم " هجر " وروى ياقوت أن " الهجر بلغة حمير والعرب العاربة: القرية، فمنها هجر البحرين، وهجر نجران، وهجر جازان .... (22)، فهاجر على هذا امرأة هجرية، والارتباط بمصر، هو ارتباط بمجرى ماء أو تخم، وفي جنوب شبه جزيرة العرب المياه وفيرة، وبها ارتبطت أماكن الاستقرار والتواصل المعاشي وسواه، وصورة إبراهيم الخليل عليه السلام في القران الكريم صورة الإنسان المتنقل غير المستقر، أي أنه كان أقرب إلي البداوة ولذلك منطقي تسمية زوجته غير البدوية باسم هاجر، لأنها جاءت من " هجر " قامت على مجري من مجاري المياه، وهذه أيضاً صورة بقيت مستمرة حتى أيام يعقوب، والخلاف بين أولاده، وقضية يوسف، ثم بعد ذلك في سيرة موسى عليه السلام بعد فراره، وقيامه بأعمال الرعي، ومادمنا مع موسى عليه السلام، إن بلد السحر قديما هو بابل، وهذا واضح في قوله تعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) (23)، كما أن بلاد بابل هي بلاد الأبراج والزقورات، واستخدام الطوب المجفف بالشمس أو المشوي بالنار، في حين نجد أن آثار أرض الكنانة شاهدة على أنها بلاد الحجارة والبناء بها، يقول الله تعالى: (وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى) (24)، وقوله جل وعلا: (ولقد أرسلنا موسى بأياتنا وسلطان مبين إلي فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب) (25) وقوله تعالى: (وقال فرعون ياهامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السموات فأطلع إلي إله موسى)} سورة غافر ـ الآيتان: 36ـ37 {.

والفرعون بالعربية هو الطاغية، وكان أبوجهل طاغية هذه الأمة، وشهرت بلاد بابل بطغاتها عبر التاريخ، ونعود إلي يعقوب وأبنائه لنتذكر أنه كان من عادة البداة الاسترفاد في مواسم القحط من البلدان المجاورة، وشهرت هذه العادة عند بداة شبه الجزيرة العربية، حيث كانوا يسترفدون من العراق في أيام القحط قبل الإسلام، ولدينا في الأدب العربي حكاية قوس حاجب، وهي من الشواهد المتأخرة، كما أن شط العرب شكل مجمعا للبحرين، وعلي مقربة منه ما تزال هناك بقايا أقدم أتباع ديانة قديمة جداً، وأعني بهم الصائبة الذين يمتلكون تراثاً دينيا غنياً، يضاف إلي هذا أن الخليج العربي هو البحر الأحمر قديما، وتتحدث كتب الأخبار العربية عن أنساب وكتب الأنساب عن عرب بائدة، وقد يكون بنو إسرائيل من العرب البائدة، لأنه جاء في القران الكريم قوله تعالى: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولاتسئلون عما كانوا يعملون) (البقرة: 132ـ134).

هذا ومقرر علمياً أنه لا علاقة بين بني إسرائيل ـ أي أولاد يعقوب ـ والذين سيعرفون باسم يهود فيما بعد، يقول الله جلت قدرته: (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون. تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ولاتسئلون عما كانوا يعملون) (البقرة: 140 ـ 141).

وحين ننتقل إلى مسألة كل من داود وسليمان، نجد أن صورة داود في القران الكريم تختلف عنها في العهد القديم، فهو في العهد القديم: فتى أفاق، مارس أعمال رعاية الأغنام، ثم شكل عصابة من حوله، وتشرد وتخفى في عدة أماكن، حتى قتل سيده، واستلم السلطة من بعده، وفي أيام سلطته كان بيته بؤرة دعارة، وكانت لذلك علاقته ببعض أولاده سيئة، ثم هو لم يكن نبياً، أما في القرآن فنجد صورته وحرفته مختلفة، وأنه كان نبياً، وهكذا نقرأ قوله تعالى: (وآتينا داود زبوراً) - (النساء: 163) - (ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود سليمان) (الانعام:84) - (لعن الذين كفروا من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير