تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جهاد الكفرة الملثمين ... ) [30].

كان هذا هو رأي ابن تومرت في دولة المرابطين، تلك الدولة السنية التي

أقامت كيانها على مذهب أهل السنة والجماعة والدعوة إلى الله على هدى من سنة

الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد طعن في عقيدتهم، ووصفهم بأنهم مجسمون

وكفار، لا تجوز طاعتهم، ولا الولاء لهم، بل يجب جهادهم، ولهذا قاتل

الموحدون المرابطين قتال المسلمين للكفار حسب اعتقادهم، وما ذلك إلا بسبب غلو

ابن تومرت وتجرئه على الطعن في أعدائه دون ورع أو تقوى!!.

وبعد هذا العرض السريع لنشأة دعوة ابن تومرت، والتعرف على بعض

الأسس العقدية التي قامت عليها- ندرك بجلاء مدى ما فيها من غلو وشطط، وما

شابها من ضلال وانحراف، وأنها كانت بعيدة كل البعد عن المنهج الإسلامي

الصحيح، ولا شك أن هذا الغلو والانحراف الواضح فيها هو الذي جعل أتباع ابن

تومرت غير متحمسين لها بعد موته، بل بعضهم حاربها وتبرأ منها - كما رأينا -

فكان هذا الموقف سبباً لأن تدفن معظم أفكار وأقوال ابن تومرت معه، ولا يقدر لها

الذيوع والانتشار كغيرها من الدعوات الضالة التي ظهرت بالعالم الإسلامي على مر

العصور.


(1) حاول عبد المؤمن أن يحذو حذو سلفه ابن تومرت في ادعاء النسب العربي فأشاع ذلك بين
الناس، وقد قال بهذا بعض المؤرخين كالبيذق في كتابه المقتبس ص 17 وابن أبي زرع في الأنيس
ص 183وابن الخطيب في رقم الحلل ص 58، لكن طائفة أخرى من المؤرخين أنكرت هذا الادعاء
وبينت بطلانه وبينوا أنه بربري الأصل ينسب إلى قببلة كومية ومن هؤلاء ابن عذاري البيان المغرب 3
/ 56، ابن خلدون: العبر 6/ 126، 127 ويرى ليفي بروفينسال: (أن سلسلة الأنساب الشريفة
التي وضعت لعبد المؤمن لم تكن إلا موضوعة اقتضتها حاجة الدعوة) انظر كتاب الإسلام في المغرب
والأندلس: ترجمة عبد العزيز سالم وزملائه، ص 275.
(2) ابن خلدون: العبر 6/ 235.
(3) المعجب 369.
(4) الأرك: من المعارك الأندلسية الحاسمة التي وقعت بين الموحدين بقيادة يعقوب المنصور وبين
النصارى بقيادة (ألفونسو الثامن) ملك قشتالة وذلك في شهر شعبان سنة 591هـ، وقد تمكن
الموحدون من إحراز نصر كبير على أعدائهم النصارى فقتلوا منهم ما يربو على ثلاثين ألفاً، كما
أسروا وغنموا الكثير، وقد وقعت تلك المعركة قرب حصن الأرك غرب قلعة رباح فنسبت إليه (راجع
في تفصيلات هذه المعركة كلاً من: المراكشي: المعجب، ص 382، ابن عذاري: البيان المغرب 3
/ 191 - 195، ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص 222 - 223، يوسف أشباخ تاريخ الأندلس،
ص 87).
(5) المعجب /417.
(6) المصدر السابق / 417 - 418.
(7) هو أبو العلاء إدريس بن يعقوب المنصور تاسع أمراء الموحدين، استغل الوضع المضطرب في
الدولة الموحدية في آخر عمرها فنبذ طاعة أخيه العادل (621 - 624 ه) ودعا لنفسه فبويع في
أشبيلية ثم أجابه أكثر ولاة الأندلس في آخر عام 624 هـ، فكتب إلى الموحدين الذين ببلاد المغرب
فبعثوا للمأمون ببيعتهم لكنهم لم يلبثوا سوى مدة قصيرة حتى نكث شيوخ الموحدين البيعة وبايعوا
يحيى بن محمد الناصر الذي تلقب بالمنتصر، فغضب المأمون على شيوخ الموحدين الذين أصبح
ولاؤهم حسب مصالحهم، وليس للمصلحة العامة وهذا مما ساعد على أن يتخذ عدة إجراءات ضد
دعوة ابن تومرت (انظر تفصيلاً ذلك كلاً من ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 253، ابن أبي زرع:
الأنيس المطرب، ص250 - 251.
(8) يقول أهل السنة والجماعة بنزول عيسى في آخر الزمان كما تواترت بذلك الأحاديث.
(9) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب / 251.
(10) المصدر السابق / 251.
(11) المصدر السابق / 252.
(12) انظر في تفصيلات ذلك: البيذق: أخبار المهدي ابن تومرت، ابن القطان، نظم الجمان حيث
وردت كلمة المعصوم في هذين الكتابين عشرات المرات.
(13) محمد علي الصابوني: النبوة والأنبياء / 55 - 56.
(14) عصمة الأئمة من اعتقادات الرافضة الأساسية فهم يقولون بوجوب عصمتهم من الكبائر
والصغائر والخطأ والنسيان (الشهرستاني: الملل والنحل 1/ 195، ابن تيمية: منهاج السنة 3 /
174 - 175).
(15) ابن تيمية: منهاج السنة 3/ 174 - 175.
(16) أباح ابن تومرت دم كل من يشك في عصمته أو يخالفه فيما يدعو إليه، ولهذا كان يقوم بما
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير