تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان من هؤلاء من كان في الموصل أمثال (محمد بن أبي الفوارس الحلي) [6].

وفي عقيدة الرجعة - بالذات - والتي نفى ابن الأثير وجودها في عصره

تطالعنا مصنفات الشيعة بالأعداد الكبيرة المؤلفة فيها على امتداد القرون، وفيها ما

هو في القرن السابع - وقد عايشه ابن الأثير - من أمثال: كتاب (الغيبة للحجة وما

جاء فيها عن النبي والأئمة ووجوب الإيمان بها) للأشرف بن الأغر المعروف بتاج

العلا العلوي الحسيني المتوفي سنة 610 هـ، فهل كانت هذه الكتب سرية حتى لم

يطلع عليها أمثال ابن الأثير؟ أم أنها ألفت في عصور متأخرة ونسبت للأوائل؟!

ووفق ذلك كله فالسمعاني (ت 562) يشهد بوجود أصحاب هذه العقيدة في

عصره [7].

أم هي لظروف العصر وملابسات البيئة التي عاش فيها ابن الأثير؟ وهي

بيئة كان للشيعة فيها وجود ليس على مستوى الأفراد فحسب وإنما على مستوى

الولاة والحكام. ومن أمثلة ذلك: الملك الرحيم (ت 657) الذي ملك (الموصل)

نحواً من خمسين سنة [8] وهو الذي أزال الدولة الأتابكية (وهم أسياده قبل)، وكان

يبعث في كل سنة إلى مشهد علي قنديلاً ذهبياً زنته ألف دينار، وهذا-كما قال

الحافظ ابن كثير-دليل على تشيعه، بل على قلة عقله [9].

وكان في الأصل أرمنياً، حتى نقل (الذهبي) عنه أنه كان يحتفل لعيد

(الشعانين) لبقايا فيه من شعار أهله، فيمد سماطاً عظيماً إلى الغاية، ويحضر

المغاني، وفي غضون ذلك أواني الخمور فيفرح وينثر الذهب من القلعة ويتخاطفه

الرجال؟ فمقت لإحياء شعار النصارى، وقيل فيه:

يعظم أعياد النصارى محبة ويزعم أن الله عيسى بن مريم

إذا نبهته نخوة أريحية إلى المجد قالت أرمنيته: نعم [10]

وإذا كان الأمر كذلك فيه، فلا غرابة أن يسير إلى (هولاكو) التتري - بعد أن

أوقع ببغداد ما أوقع، ثم انفصل عنها- على هيئة الخادم المتلطف له، ومعه الهدايا

والتحف!! حتى رجع إلى بلاده متولياً من قبله [11].

هذا الملك أثنى عليه ابن الأثير في مقدمة كتابه، فقال: ( ... مولانا مالك

الملك (!!) الرحيم، العالم المؤيد، المنصور المظفر بدر الدين، ركن الإسلام

والمسلمين، محي العدل في العالمين، خلد الله دولته)!! [12]. بل الأمر أعجب

من ذلك، فابن الأثير إنما انساق في إتمام تأليف كتابه (الكامل) عن أمر الملك

الرحيم هذا، وهذا ما حكاه ابن الأثير نفسه في مقدمة كتابه حين قال: (فلما جمعت

أكثره أعرضت عنه مدة طويلة لحوادث تجددت وقواطع توالت وتعددت، لأن

معرفتي بهذا النوع كملت وتمت، ثم إن نفراً من إخواني وذوي المعارف والفضائل

من خلاني .. رغبوا إلي في أن يسمعوه مني، ليرووه عني، فاعتذرت بالأعراض

عنه وعدم الفراغ منه، فإنني لم أعاود مطالعة مسودته ولم أصلح ما أصلح فيه من

غلط وسهو .. إلى أن قال: فبينما الأمر كذلك إذ برز من طاعته فرض واجب

واتباع أمره حكم لازب، من أعلاق الفضل بإقباله عليها نافعة .. مولانا مالك الملك

الرحيم .. فحينئذ ألقيت عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل، وألفت الدواة

وأصلحت القلم وقلت: هذا أوان الشد فاشتدي زيم، وجعلت الفراغ أهم مطلب،

وإذا أراد الله أمراً هيأ له السبب وشرعت في إتمامه مسابقاً، ومن العجب أن

السكيت يروم أن يجيء سابقاً، ونصبت نفسي غرضاً للسهام، وجعلتها مظنة

لأقوال اللوام ... ) [13].

وقال ابن كثير-في ترجمته للملك الرحيم -: وقد جمع له الشيخ عز الدين

كتابه المسمى بالكامل في التاريخ فأجازه عليه وأحسن إليه [14].

وإذا كان الأمر كذلك فهل بإمكاننا أن نفسر نزعة التشيع في (الكامل) بهذا

الأمر وهي نزعة لا يمكن تجاهلها ولا قبولها - مهما كانت أسبابها - فبالإضافة إلى

الأمثلة التي ساقها الأستاذ محمد العبدة في مقاله الآنف الذكر أسوق الأمثلة التالية:

1 - في أحداث الفتنة الواقعة بين الصحابة يلحظ القارئ (للكامل) تغليب

الروايات التي تصف خصوم (علي) -رضي الله عنه- بصفات يبعد قبولها، بل

يبعد أن يقول بها علي نفسه، ومنها أن علياً يصف معاوية ويقول: ( ... وخلاف

معاوية الذي لم يجعل له سابقة في الدين ولا سلف صدق في الإسلام، طليق بن

طليق، حزب من الأحزاب، لم يزل حرباً لله ورسوله هو وأبوه حتى دخلا في

الإسلام كارهين ... ) [15].

وحين رفعت المصاحف (للتحكيم) في (صفين) من قبل أهل الشام، قال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير