تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6. أن علم النسب قد يشغل عما هو أنفع منه، وهذا كثير مشاهد، فكم رأينا ممن يشار إليهم بالبنان من طلبة العلم اتجهوا إلى علم الأنساب وتركوا ما هو أنفع للأمة منه، ولذا نجد الإمام أحمد يصرف طلابه إلى العلم الأكثر نفعا، فقد سأله رجل يقال له عامر فقال: يا أبا عبدالله بلغني أنك رجل من العرب فمن أي العرب أنت؟ قال لي: يا أبا النعمان نحن قوم مساكين، وما تصنع بهذا؟ فكان ربما جاءني أريده على أن يخبرني فيعيد عليَّ مثل ذلك الكلام ولا يخبرني بشيء.

7. أن المشتغل بالأنساب قد يمدح ظالما أو معروفا بمخالفة الشرع من أقاربه وقد يفخر بالانتساب إليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انتسب رجلان على عهد موسى فقال أحدهما: أنا ابن فلان بن فلان حتى عدَّ تسعة فمن أنت لا أم لك؟ قال: أنا فلان بن فلان ابن الإسلام، فأوحى الله إلى موسى أن قل لهذين المنتسبين: أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم في النار، وأما أنت أيها المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة).

8. من كمال العقل حسن اختيار ما نسب إلى السابقين الأخيار ونقل ما جاء فيها من أخبار، قال ابن الجوزي رحمه الله:" وإنما أنقل عن القوم محاسن ما نقل ولا أنقل كل ما نقل إذ لكل شيء صناعته وصناعة العقل حسن الاختيار"، فما كان فيها مما يحسن تركه فليترك.

9. لا بد من معرفة رأي العلماء في المصنفات التي يرجع إليها الباحث، فعلى سبيل المثال نقل السخاوي عن النووي رحمه الله أنه أثنى على الاستيعاب لابن عبدالبر رحمه الله لولا ما شانه من ذكر كثير مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم وحكايته عن الإخباريين والغالب عليهم الإكثار والتخليط ".

10. كما لا بد من ترك التعجل في الاستنباطات كربط الأماكن بالقبائل التي كانت قد حلت بها، لأن من الملعوم أن طبيعة العيش في البلاد العربية تحتم على القبائل التنقل لأسباب كثيرة منها وقوع حروب فيما بينهم، أو وقوع قتل ممن ينتسب للقبيلة وتعجز القبيلة عن دفع دياتهم، ويصعب عليها أن تدفع القاتل لذوي القتيل. وقد يقع على القبيلة ظلم من الولاة والملوك فيرتحلوا طلبا للسلامة، كما أن قلة المطر وشدة القحط من أقوى الدوافع للارتحال كما في قدوم بني حنيفة لليمامة. وقد تنتقل القبيلة عن موطنها بسبب كوارث طبيعية مثل سيل العرم الذي فرق قبائل قحطانية كثيرة فالأوس والخزرج نزلوا المدينة، وطيء نزلت جبلي أجا وسلمى. وقد تضيق المنطقة بأهلها فتنتقل القبيلة أو بعضها إلى مكان أرحب.

11. من أهم مبادئ علم النسب معرفة طبقات النسب عند العرب، قال ابن حجر: الشعوب النسب البعيد والقبائل دون ذلك هو قول مجاهد أخرجه الطبري عنه وذكر أبو عبيدة مثال الشعب مضر وربيعة ومثال القبيلة من دون ذلك وأنشد لعمرو بن أحمر

من شعب همدان أو سعد العشيرة أو خولان أو مذحج هاجوا له طربا.

وقال ابن الكَلْبيّ: الشَّعب أكبرُ من القَبيلة ثم العِمَارة ثم البَطْن ثم الفَخِذ ثم العَشِيرة ثم الفَصِيلة. وقال غيرُه: الشّعوبُ العَجَم والقبائل العرب، وإنما قيل للقَبيلة قبيلة لتقابُلها، وتناظرُها، وأن بعضَها يُكافئ بعضاً. وقيل للشَّعْب شَعْب لأنه انشَعب منه أكثر مما آنشعب من القَبيلة، وقيل لها عَمائر، من الاعتمار والاجتماع، وقيل لها بُطون، لأنها دون القبائل، وقيل لها أفخاذ، لأنها دون البُطون، ثم العَشيرة، وهي رَهط الرجل، ثم الفَصيلة، وهي أهلُ بيت الرجل خاصة. قال تعالى: "وفَصِيلتِهِ التي تُؤوبه". وقال تعالى: "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الأقْرَبِينَ ".

12. معرفة المصطلحات الشائعة في كتب النسب ومشجرات العوائل أمر في غاية الأهمية، وقد أفرد محمد سعيد كمال رسالة في مجموعة الرسائل الكمالية في مصطلحات النسابة، وهي جيدة في بابها.

13. التثبت في ما يرد من قصص وأخبار فيما هو مخالف للشرع أمر لازم وواجب على المؤرخ والمتحدث في النسب أن يحرص عليه، وخصوصا إذا كان الحديث عمن عرف بالخير، وتطبيق المنهج الحديثي في سند الرواية؛ امتثالا لقوله سبحانه:" ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير