تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ثبت أن عثمان اتخذ موقفاً واضحاً حاسماً يتمثل في عدم المقاومة، وأنه ألزم به الصحابة فقال: أعزم على كل من رأى عليه سمعاً و طاعة إلا كفّ يده و سلاحه، فخرج كل من الحسن و الحسين و عبد الله بن عمر و أصر عبد الله بن الزبير على البقاء و معه مروان بن الحكم، فلما طلب منه ابن الزبير أن يقاتل الخارجين، قال عثمان: لا والله لا أقاتلهم أبداً. تاريخ خليفة (ص173 - 174) و مصنف ابن أبي شيبة (15/ 204) و طبقات ابن سعد (3/ 70) و كلهم بأسانيد صحيحة.

و ممن أراد القتال دفاعاً عن عثمان الصحابي أبو هريرة و كان متقلداً سيفه، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال أبو هريرة: فرجعت و لم أقاتل. الطبقات لابن سعد (3/ 70) و تاريخ خليفة (ص173) و إسنادهما صحيح.

و استمر الحصار عليه رضي الله عنه حتى أنهم منعوا عنه الماء، فوصل الخبر إلى أمهات المؤمنين فتحركت أم حبيبة رضي الله عنها و كانت من أقارب عثمان، فأخذت الماء و جعلته تحت ثوبها، و ركبت البغل و اتجهت نحو دار عثمان، فدار بينها وبين أهل الفتنة كلام فقال الأشتر كذبت بل معك الماء و رفع الثوب فرأى الماء فغضب و شق الماء، قال كنانة مولى صفية: كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت فقالت: ردوني و لا يفضحني هذا الكلب. التاريخ الكبير للبخاري (7/ 237) و ابن سعد في الطبقات (8/ 128) بإسناد صحيح. و كذلك الطبري (4/ 385 - 386).

و في رواية عند الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق الحسن البصري قال: لما اشتد أمرهم يوم الدار، قال: قالوا فمن، فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حبيبة فجاؤوا بها على بغلة بيضاء و ملحفة قد سترت، فلما دنت من الباب قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة، قالوا: والله لا تدخل، فردوها. فضائل الصحابة (1/ 492).و قال المحقق إسناده صحيح.

و حدثت بعض المناوشات بين شباب الصحابة و الثوار فجرح خلالها بعض الصحابة أمثال الحسن بن علي

و غيره، و هذا الخبر يؤيده ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1387)، و البخاري في التاريخ الكبير (7/ 237)، عن كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب قال: شهدت مقتل عثمان، فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه: الحسن بن علي، و عبد الله بن الزبير، و محمد بن حاطب، و مروان بن الحكم.

و تتضافر روايات ضعيفة للدلالة على أن عثمان و هو محصور في الدار بعث إلى علي يطلبه، و أن علياً استجاب لأمره لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الدار التي كان المعارضون يطوقونها، فقال علي للثّوار: يأيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين فلا تمنعوا عن هذا الرجل الماء و لا الطعام فإن الروم و فارس لتأسر و تطعم و تسقي، و لكن لم يستطع أن يفعل شيئاً، فحل عمامته السوداء التي كان يرتديها و رمى بها إلى رسول عثمان، فحملها الرسول إلى عثمان فعلم عثمان أن علي حاول المساعدة لكنه لم يستطع. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 209) بسند منقطع، و طبقات ابن سعد (3/ 68 - 69) بسند منقطع، و سند آخر منقطع مع تدليس حبيب بن أبي ثابت، و الطبري (4/ 386)، انظر: عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص427).

يوم الدار .. و استمر الحصار على عثمان رضي الله عنه أياماً عديدة قدرها بعض المؤرخين بأنه من أواخر ذي القعدة إلى الثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و كان خلالها في غاية الشجاعة و ضبط النفس رغم قسوة الظروف و رغم الحصار، و لطالما كان يطل على المحاصرين و يخطب فيهم و يذكرهم بمواقفه لعلهم يلينون، لكنهم لم يفعلوا.

و في يومٍ أشرف عثمان على القوم بعد أن طلبهم للاجتماع حول داره للحديث معهم، روى الترمذي،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير