تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[27 - 03 - 07, 04:04 م]ـ

الفرع الثالث: عقيدة الراشدي

إن أبرز شيء عرف به الراشدي رحمه الله هو المحنة التي كان سببها تصريحه بعقيدة الإثبات في باب الصفات، ورده على أهل التأويل الذين عدوا الصفات من المتشابه الذي ينبغي أن يحمل على غير ظاهره، وقد تكلم عن ذلك في كتاب سماه «متسعة الميدان» وكما له في هذا الموضوع قصيدة قال في مطلعها ([1]):

خبرا عني المؤول أني كافر بما قضته العقول

ما قضته العقول ليس من الدين بل الدين ما حوته النقول

فتقولان إن ذا أكثر النا س عليه وأنه لعدول

شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن الله أو يقله رسول

فاحذرهم و من تلاهم إذ قيل اتبعوا منزل الكتاب يقول

بل هنا نتبع الآباء والأشيا خ كما قال كافر و ضلول

ليس قولهم أئمة دين نافعا كلهم بكفر يصول

قال ربي في أئمة كفر قاتلوهم لينتهوا أو يؤول

بينوا ما به البيان بجهل كذبوا كذبوه صدق فصول

أضلال أو انتفاء لحق قال يهدي وشبه يا جهول

ونفى باطلا وأثبت حقا ضمن نطق خطاب كل يهول

ونفى أن يكون مع حكمه حكم كذاك معقب وفلول

بعد هذا أفيه أخذ بكفر بئسما نطقوا أو بئس النزول

وقد شهد له الشيخ المبارك الميلي بناء على هذه الأبيات ومحنته الشهيرة بالمعتقد السلفي فقال: «وكان أهل المغرب سلفيين حتى رحل ابن تومرت إلى الشرق وعزم على إحداث انقلاب بالمغرب سياسي علمي ديني، فأخذ بطريقة الأشعري ونصرها وسمى المرابطين السلفيين مجسمين، تم انقلابه على يد عبد المؤمن فتم انتصار الأشاعرة بالمغرب، واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة، فلم ينصرها بعدهم إلا أفراد قليلون من أهل العلم في أزمنة مختلفة، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عشر عبد القادر الراشدي أبيات في الانتصار للسلفيين طالعها:

خبرا عني المؤول أني كافر بالذي قضته العقول» ([2]).


[1] / مقدمة تحفة الإخوان (36).

[2] / تاريخ الجزائر في القديم والحديث (711).

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[27 - 03 - 07, 04:05 م]ـ
الفرع الرابع: محنة الراشدي
أما المحنة التي وقعت له مع أهل قسنطينة بسبب العقيدة التي أظهر فننقلها على لسان الحسين الورثيلاني ([1]) الذي عاصر تلك الأحداث، كما كان فيما حكاه معتدلا منصفا، فقال في رحلته: «وقد وقعت بينه وبين طلبة قسنطينة مخاصمة عظيمة ومنازعة كبيرة في مسألة حتى رموه بالتجسيم، بل بعضهم كفره ومن الإسلام أخرجه، وذلك خطر كبير في الدين، قال الشيخ زروق ([2]): إدخال ألف كافر بشبهة إسلامية، أهون عند الله من إخراج مسلم واحد بشبهة كفرية، وذلك من تلامذته ومحبيه، وهذه المسألة قوله تعالى:] لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [(ص75) فقال هو في اليد: إنها حقيقة ومع ذلك إنها ليست جارحة ولا جسما، بل يستحيل ذلك، لأنه يؤدي إلى الحدوث والإمكان، وقدح في التأويل لها بالقدرة أو صفة زائدة يخلق بها الأشراف من الخلق لأن التأويل محوج إلى الدليل، والخروج من الحقيقة إلى نوع من المجاز، فلم يكترث بالتأويل إذ البقاء مع الحقيقة هو الأصل، لأن التأويل وإن كان صحيحا ففيه ابتغاء الفتنة «، وبعد أن نقل مذهبه بأمانة بين أنه لم يقل شيئا خرج به عن قول أهل السنة ولا أتي بما ينكر وكشف حقيقة الحال كما كان يراها فقال:» وإنما هو تحامل عليه سببه الحسد والبغض والتنافس، وإنما رموه بذلك لما علموا منه أنه طويل اللسان عليهم بالعلم، بل نسبوه إلى كثرة الرشوة وغير ذلك مما لا يناسبه، بل سمعت من بعضهم أنه قال: صرح بالتجسيم غير ما مرة، فقلت حين اجتماعي بهم: مجرد هذا الإطلاق لا يلزم عليه شيء إذ عليه أكثر الأمة، ومنهم من أولها بالقدرة ومنهم من توقف ([3])، فلما أراني الرسالة الموضوعة لهذا الكلام رأيتها منقحة سالمة من غير سوء الاعتقاد خصوصا التجسيم وغايتها أنه يبطل أدلة المؤول ويصحح القول باليد حقيقة، غير أنها لا يعلمها إلا الله لكن هذا كله بعد نفي التجسيم، وما يشعر بالإمكان والحدوث، وقد بالغوا في تضليله إلى أن أرادوا الفتك به عند السلطان فسلم والحمد لله ونجا من شرهم، غير أنهم أخرجوه عن الموضع المعد له من القضاء وصيروه لأنفسهم بالتعلق مما كان متمكنا من السلطان» ([4]).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير