تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التواريخ لكن لما كان ثبوتها بالأحاديث والآثار ذكرها في فروع علم الحديث.

بقي أن نشير إلى أن " الخبر " هو مادة السيرة والسنة والتاريخ.

2 - تدوين السنة والسيرة:

إن الخلاف مشهور حول موضوع تدوين السنة بين الحظر والإباحة، لكن الحقيقة الثابتة تاريخياً وفق معايير النقد الحديثية أن الحديث دُوِّن في زمنه صلى الله عليه وسلم على شكل صحف وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب - كَتَبَ الصحيفة الصادقة - وهو ما شهد به أبو هريرة [رواه البخاري، العلم، كتابة العلم، رقم: 11] وثمة عدد من الصحف غيرها لعدد من الصحابة فمن بعدهم لكن هذه الصحف لم تَعْدُ كونها مدونات جزئية قاصرة عن مرحلة التدوين بمعنى " التصنيف ".

لكن السيرة النبوية - وخاصة المغازي - دوِّنت مبكراً جداً في مرحلة سابقة على الحديث الذي كان على شكل صحف مفردة، ذلك أن الصحابه اهتموا كثيراً بمغازي رسول الله حتى كانوا يعلِّمونها أبناءهم كما يعلَمونهم السورة من القرآن ومن ثم وجدنا أول من دَّون في السيرة (المغازي) - حسب المصادر - عروة بن الزبير بن العوام (94 هـ) وأَبَان بن عثمان بن عفان (101 أو 105 هـ) ويُروى أن كتابه كبير وأنه يبرز فضائل الأنصار. [حسب ما نقل د. العمري، في السيرة الصحيحة، المدينة، مكتبة العلوم والحكم، ط 4، 1993، جـ 1 ص 54] وعامر بن شَرَاحيل الشَّعْبي (103 هـ) وله كتاب المغازي، وعاصم بن عمر بن قَتَادة (119هـ) ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (124 هـ) وشُرَحْبيل بن سعد المدني (123 هـ) ويزيد بن هارون الأسدي المدني (103 هـ) وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم (135 هـ) وموسى بن عقبة (140 هـ) وهو أصحها على صغره - كما يقول الشافعي -[الخطيب، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، (م. س) ج 2 ص 164] وغيرهم حتى جاء ابن إسحاق (151 هـ)

والذي يبدو لنا أن كثيراً من المصنفات قبل ابن إسحاق كانت في الغالب تقتصر على ذكر المغازي وبعض ما يتصل بها حتى جاء ابن إسحاق فوضع كتابه على ثلاثة أقسام " المبتدأ " وتناول فيه تاريخ الأنبياء إلى نبينا و " المبعث " وخصصه لحياة الرسول و " المغازي " تعرض فيه لنشأة الدولة الإسلامية في المدينة وتَحَوّل الدعوة من الدفاع إلى " الهجوم " [انظر الذهبي، سير أعلام النبلاء، تح، شعيب الأرناؤوط وغيره، بيروت، الرسالة، ط 9، 1413 هـ جـ 7، ص 48 وابن النديم، الفهرست، بيروت، المعرفة 1978م ص 136]. . حتى جاء ابن هشام (218 هـ) واختصره ومن ثَمَّ لقي من العناية ما لقي واعتُبر عمدة المغازي والسير لاشتماله على أحداث السيرة عامة.

3 - منهج تدوين السيرة في الصدر الأول:

يغلب على جميع المؤرخين حتى ابن خلدون (808هـ) منهج جَمْع الأخبار وسرد الأسانيد دون أي تحليل، وفيما يخص الترتيب فقد اعتمد وهْب بن مُنَبِّه (110هـ) وابن إسحاق (151هـ) على التأريخ من بدء الخليقة وكان ذلك أول محاولة - فيما نعلم - للتأريخ الشامل ثم تبعهما في التأريخ العام للعالم الدينوري (282هـ) واليعقوبي (284هـ) ثم الطبري (310هـ) الذي يُعَدُّ أبرز كتَّاب التاريخ وأهمهم وقد اعتمد بشكل رئيس على الإسناد لكونه محدثاً. واعتمد معمر بن راشد (153هـ) في مغازيه على ترتيب الأخبار على أساس موضوعي على نحو ما فعل في (الجامع) الذي يعد من أوائل المجموعات الحديثية المدونة في السنة [انظر: الكتاني، الرسالة المستطرفة، تح محمد المنتصر الكتاني، بيروت، البشائر الإسلامية، ط4، 1986، ص41، 42].

ولكن كتب السيرة والتاريخ لم تخضع لمنهج النقد الذي كان معزولاً عن الرواية التاريخية ومستثمرًا بشكل ضخم في الرواية الحديثية فيما عدا الكتب التي أفردت بابًا خاصًا للمغازي والسير من الكتب الستة كالبخاري، وهذا يعود لسببين: الأول: موقع كل من الروايتين وأهميتها فالرواية الحديثية تتعلق بالحلال والحرام ولذلك تساهل فيها المحدثون أنفسهم [انظر الخطيب، الكفاية، تح. أبي عبدالله السورقي، إبراهيم المدني، المدينة، المكتبة العلمية، د. ت ص 134]، ومن ثم وجدناهم تكلموا في ابن إسحاق ونزلوا بروايته الحديثية عمن يحتج به [المراد المصطلح الحديثي (حجة) وهو خلاف "ثقة" فابن إسحاق ثقة حسن الحديث ولكن ليس حجة] بينما اعتبروه إمام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير