تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد أثبت معظم الصفات على طريقة السلف, ووقع منه شيء من التأويل والتردد في بعض الصفات والخلط بين مذهب السلف والتفويض, وقال هو عن نفسه: " وأقول أنا مؤلف هذا التفسير: إنني ولله الحمد على طريقة السلف وهديهم, عليها أحيا وعليها أموت – إن شاء الله تعالى – وإنما أذكر من كلام شيخنا ومن كلام غيره ومن تلقاء نفسي بعض التأويلات لما ثبت عندي باختباري الناس أن ما انتشر في الأمة من نظريات الفلاسفة ومذاهب المبتدعة المتقدمين والمتأخرين جعل قبول مذهب السلف واعتقاده يتوقف في الغالب على تلقيه من الصغر بالبيان الصحيح وتخطئة ما يخالفه, أو طول ممارسة الرد عليهم, ولا نعرف في كتب علماء السنة أنفع في الجمع بين النقل والعقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى, وأنني أقول عن نفسي: إنني لم يطمئن قلبي بمذهب السلف تفصيلاً إلا بممارسة هذه الكتب.

فنحن قد سمعنا بآذاننا شبهات على بعض الآيات والأحاديث لم يسهل علينا دفعها وإقناع أصحابها بصدق كلام الله وكلام رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا بضرب من التأويل وأمثالٍ تقربها من عقولهم ومعلوماتهم أحسن تقريب, وقد غلط كثير من علماء الكلام والمفسرين في بيان مذهب السلف وفي معاني التفويض والتأويل – وتجد تفصيل ذلك لنا في أوائل تفسير سورة آل عمران – كما أخطأ من قالوا: إن الدليل العقلي هو الأصل؛ فيرد إليه الدليل السمعي .. "

فالشيخ رحمه الله تعالى يصرح باتباعه لمذهب السلف وحبه الصادق له.

وقد أثبت صفة الاستواء (8/ 451 - 453) , والكلام (9/ 184 - 186) , وصفة المحبة والرحمة والرضا والغضب والكراهة كما في (3/ 198 - 199) , والرؤية (9/ 177 - 178) , والنفس (6/ 266) , والوجه (7/ 437).

لكنه أوَّل صفة اليد بالجود (6/ 456) , والعين بالمراقبة والحفظ (12/ 73) , والمجيء والإتيان (2/ 262 - 267) , والاستهزاء (1/ 163 - 164).

* الوصف العام للتفسير:

ينقل كثيراً عن شيخه محمد عبده, ولا فرق بين الرجلين في المصادر والمنهج والهدف, إلا فيما هو قليل نادر, فمنهجه في التفسير الاستعانة بالآيات, أي: تفسير القرآن بالقرآن, وبما صح عنده من أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وبما جرى عليه سلف الأمة, وبأساليب لغة العرب مستعيناً بعد ذلك بعقله المتحرر من التقليد للمفسرين إلا فيما يقتنع به من أقوالهم, ويُحدث بعض التلاميذ عنه أنه كان لا يُراجع ما يكتب في التفسير إلا بعد أن يكتب فهمه للآية! حذراً من تأثير أقوال المفسرين على نفسه!

وبين الدافع له على طرقه هذا الباب فقال (1/ 7): " كان من سوء حظ المسلمين أن أكثر ما كتب في التفسير يشغل قارئه عن هذه المقاصد العالية، والهداية السامية، فمنها ما يشغله عن القرآن بمباحث الإعراب وقواعد النحو, ونكت المعاني ومصطلحات البيان.

ومنها ما يصرفه عنه بجدل المتكلمين, وتخريجات الأصوليين, واستنباطات الفقهاء المقلدين، وتأويلات المتصوفة، وتعصب الفرق والمذاهب بعضها على بعض.

وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات وما مزجت به من خرافات الإسرائيليات.

وقد زاد الفخر الرازي صارفاً آخر عن القرآن؛ هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها من العلوم الحادثة في الملة على ما كانت في عهده، كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها, وقلده بعض المعاصرين بإيراد مثل ذلك من علوم هذا العصر وفنونه الكثيرة الواسعة، فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية فصولا طويلة بمناسبة كلمة مفردة كـ"السماء والأرض" من علوم الفلك والنبات والحيوان، وتصد قارئها عما أنزل الله لأجله القرآن ".

ثم قال: " فكانت الحاجة شديدة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن على الوجه الذي يتفق مع الآيات الكريمة المنزلة في وصفه، وما أنزل لأجله من الإنذار والتبشير والهداية والإصلاح، وهو ما ترى تفصيل الكلام عليه في المقدمة المقتبسة من دروس شيخنا الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله تعالى وأحسن جزاءه, ثم العناية إلى مقتضى حال هذا العصر في سهولة التعبير، ومراعاة أفهام صنوف القارئين، وكشف شبهات المشتغلين بالفلسفة والعلوم الطبيعية وغيرها، إلى غير ذلك مما تراه قريباً, وهو ما يسره الله بفضله لهذا العاجز ".

* موقفه من الأحكام الفقهية:

يعطي لنفسه حرية واسعة في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن, مما جعله يخالف جمهور الفقهاء في عدة مسائل ويرد عليهم بشيء من الشدَّة, مثل تجويزه التيمم للمسافر ولو كان الماء بين يديه, ويتوسع في بيان الأحكام الفقهية الاجتماعية والكلام على أحوال الناس المعاصرة في الشرق والغرب.

* موقفه من اللغة والنحو والشعر:

لا يتعرض لفنون اللغة والنحو إلا في القليل, ويشرح الآيات بأسلوبه الرائع, ويكشف عن المعاني بعبارةٍ سهلة مقبولة لعامة الناس, مع توضيح لمشكلات القرآن.

* موقفه من الإسرائيليات:

مُقل من ذكر الإسرائيليات, بل يُنكر على المفسرين إيرادها في تفاسيرهم, لكنه خاض بما يشبه ذلك, وذلك أنه كثيراً ما ينقل عن الكتاب المقدس أخباراً وآثاراً يفسر بها مبهمات القرآن, أو يرد بها على أقوال بعض المفسرين.


(1) ترجمته في: الأعلام (6/ 126) , معجم المطبوعات (934) , معجم المفسرين (2/ 529).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير