تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى الحاكم وعبد الرزّاق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عته قَالَ: " إِنَّ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ لَخَمْسَ آيَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهَا أَنَّ لِي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآية، وَ {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} .. الآية، وَ {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء}، وَ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} الآية، وَ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً}.

المبحث الخامس: معنى كلمة نساء وأصل اشتقاقها.

النّسوة-بالكسر والضمّ-والنّساء والنِّسوان والنُّسوان: اسم جمع لـ: (امرأة) لأنّه من غير لفظه، كما يقال: ذلك وأولئك، قال ابن سيده: " والنّساء جمع نسوة إذا كثرن ". والأولى أن يقال: اسم جمع.

وأصل الكلمة من نسأ ينسأ: إمّا بمعنى الزّيادة، أو التّأخير كما هو معلوم، وجنس النِّساء زائد على الأصل، ومتأخّر عنه كما تدلّ عليه الآية، والله أعلم.

تنبيه مهمّ:

سبق أن ذكرنا أنّ هذه السّورة جاءت لتثبت حظّا كبيرا ممّا للنّساء، ولربّما تساءلت المرأة عن أعظم مصير لها، وهو: حالها في الجنّة.

فإنّ الله تعالى إذا ذكر الشّهوات والمرغِّبات في الجنّة من أنواع المأكولات والمساكن والملابس فإنّه يعمّم ذلك للجنسين (الذّكر والأنثى)، فالجميع يستمتع بما سبق. ويبقى: أنّ الله قد رغّب الرّجال وشوّقهم الجنّة بذكر ما فيها من (الحور العين) و (النّساء) ولم يرد مثل هذا للنساء .. فقد تتساءل المرأة عن سبب هذا!؟.

وقبل الجواب عن ذلك، فلا بدّ أن يعلم كلّ منّا أنّ الله: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23]، ولكن لا حرج أن نستفيد حكمة هذا من النّصوص الشّرعية وأصول الإسلام، فيكون الجواب من أوجه ثلاثة:

1 - أنّ من طبيعة النّساء الحياء، بل إنّ أعظم ما يزيّنها الحياء-كما هو معلوم-، ومن أعظم ما تستحي المرأة منه هو شأنها في أمر الزّواج، حتّى جعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذنها في هذا المصير الخطير صُماتها، لهذا فإنّ الله تعالى لا يشوّقهن للجنّة بما يستحين منه.

2 - أنّ شوق المرأة للرّجال أمر لازم، ولكن ليس كشوق الرّجال للمرأة-كما هو معلوم أيضا-ولهذا، فإنّ الله شوّق الرّجال بذكر نساء الجنّة مصداقا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ)) [أخرجه البخاري].

أمّا المرأة فشوقها إلى الزينة من اللّباس، والحليّ، والأثاث يفوق شوقها إلى الرّجال لأنّه ممّا جبلت عليه، كما قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزّخرف:18]. ونسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ترغيبه لبعض النّساء يذكر لهنّ مثل ذلك، فمثلا في الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عته قَالَ: ((أَتَى جِبْرِيلُ عليه السلام النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الَْنَّةِ مِنْ قَصَبٍ-اللّؤلؤ المجوّف- لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ))، وفي مقام التضرّع إلى الله ما قالت آسية امرأة فرعون إلاّ {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التّحريم:11].

ثمّ إنّ ذِمَمَ الرّجال تباع بكيد النّساء، أمّا ذمم النّساء فلا تباع إلاّ بالمال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير