تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهاك مثالا ذكره أحد أشهر المهتمين بالدراسات العددية في القرآن الكريم حيث يقول: إنّ سورة النمل تُستهلّ بـ (طس) وقد لفت انتباهنا أنّ حرف الطاء يتكرر في السورة 27 مرّة، وهذا هو ترتيب سورة النمل في المصحف، وأنّ تكرار حرف السين في سورة النمل هو 93 وهذا هو عدد آيات السورة، وأن المجموع هو: (27+ 93) = 120 وهذا هو جُمّل كلمة (نمل) " أ. هـ كلامه.

ويريد بقوله (جمل) أي حساب الجمل الذي تقدم بيانه، فهذا المثال على فرض التسليم بصحة ما تضمنه من أرقام وحساب، فإن المحصلة النهائية له ليست ذات قيمة علمية أو عملية، فضلا عن أنها ليست أمرا معجزا في ذاتها، فأين هذا من وصف ربنا جل وعلا لكتابه الكريم بقوله: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).

سادساً: وأخيرا أود أن أختم هذا الكلام بالتذكير ببعض التنبيهات التي لا تغيب عن فطنة القارئ الكريم:

- أولها: يجب أن لا يغيب عن النظر ونحن ندرس ما في القرآن الكريم من تلك الإشارات الكونية، أن القرآن الكريم لم ينزل ليكون كتاب علوم كونية أو دلالة على حوادث غيبية، بل هو كما أخبر جل وعلا كتاب هداية وبيان وإيضاح ورشاد، فلا يضير القرآن الكريم أن لا يوجد فيه شيء من تلك المسائل، وإذا فنحن لسنا بحاجة إلى أن نتكلف أمرا لم يدل عليه القرآن الكريم بشكل جلي بعيد عن الكلفة والتحمل.

-ثانيها: لقد رأينا بعض الدراسات التي تتعلق بمسائل غيبية أوحوادث مستقبلة ـ وفي الحق ـ فهذا دحض مزلة، ومسلك خطر، لا تُأمن فيه السلامة، ولم يزل الدجل والإفك يقترن بماتصل بالغيبيات والأمور المستقبلة من بحوث ودراسات، ومسائل الغيب قد حجبها الله عن عباده إلا من ارتضى من رسله، فينبغي أن تنزه البحوث المتعلقة بالقرآن الكريم عن الخوض في هذا البحر اللجي.

-ثالثها: كثير من المحاولات التي نراها اليوم يقوم بها أناس فيهم غيرة ومحبة لهذا الدين، لكنهم ليسوا على علم راسخ بالقران الكريم، ولا معرفة بالأدلة الشرعية والأصول المرعية، وأهل العلم مجمعون على أن الناظر في كلام الله عز وجل ـ حتى يجوز له الكلام فيه ـ لا بد أن يستجمع أموراً معروفة ويحقق شروطاً معلومة، ومن نتائج الخلال في هذا الجانب والقصور فيه، أننا رأينا بعض الدراسات تنطلق من قناعات سابقة في أمر ما، تكون حكما على القرآن الكريم، حتى إنك ترى الباحث يتكلف ويتمحل في البحث والاستنتاج حتى يصل إلى تلك النتيجة المقررة عنده سلفا.

وأخيرا فلعلك ـ أيها السائل الكريم ـ قد تبين لك أن مسألة الإعجاز العددي أمر جائز الوقوع عقلا، ولا يوجد ما يمنع من ورود ما يؤيده في القرآن الكريم، غير أن التكلف والتمحل في الإبحاث ذات الصلة وافتقاد المنهجية شابت كثيرًا من تلك الدراسات، مما يجعل المرء على حذر من قبولها مطلقا دون فحص ونظر.

هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[13 Jul 2003, 08:43 م]ـ

عذرا الاعجاز العددي لا بد فيه من تناول ثلاثة مسائل

الاولى هل الشرع يقر نسبة هذه الاستنتاجات اليه ?

الثانية هل تدخل هذه الموافقات العددية في مفهوم الاعجاز ?

الثالثة ماضوابط وشروط اعتبار التوافق العددي ?

وقد تفضلتم بالاجابة عن المسالة الثانية تفصيلا ويستفاد بعض جواب المسالة الثالثة من كلامكم تصريحا وضمنا وتبقى المسالة الاولى بلا جواب مع كونها اصل البحث ولو اذنت لي ان اشارككم الحديث لاجبت بالنفي للاوجه الاتية

1 - اهمال النبي صلى الله عليه وسلم لها مع توفر الداعي وانتفاء المانع

2 - ان هذا التوافق ليس مما يدخل في اطار الكمالات في لسان العرب محل الاعجاز القراني

3 - ان فتح هذا الباب يؤدي لمفاسد راجحة قطعا

ولكم جزيل الشكر

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2003, 06:36 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أشكرك أخي الكريم أبا فارس على طرح هذا الموضوع بطريقة منظمة مرتبة كما هي عادتكم وفقكم الله. وما أشرتم إليه من مسائل، وأمثلة توضيحية، وشروط، واستدراكات قد وفقتم فيه كثيراً ولله الحمد. ويبقى الأمر بعد ذلك مطروحاً لتتبع الأدلة والمؤلفات في هذا الباب بشيء من العمق العلمي، والنظر إلى الأمر من جميع جوانبه حتى تتضح الصورة، ويتبين الحق من غيره في مثل هذه المسائل التي يشتد ولع الناس بها، ويخوض فيها كثير من الكاتبين في مناسبات مختلفة، وبمناهج كثيرة بعلم أحياناً، وبغير علم أحياناً.

ولا شك أن الدعوة إلى المنهجية في تناول قضايا البحث العلمي، والعمق فيها من الأمور التي يجب أن لا نمل من تذكير أنفسنا بها، والحرص على تنمية هذا الجانب بقدر الطاقة البشرية. فإن هذا الأمر مما يثري البحوث، ويبعث على الثقة بها. وإن كان هذا الأمر يحتاج إلى معاناة شديدة لكلام العلماء قديماً وحديثاً، وقدرة على فهم كلامهم على وجهه، دون تكلف في الإثبات أو النفي. وما أجمل التوسط والاعتدال في كل الأمور.

والسير في طريق الاعتدال **من أفضل العادات والخصالِ

وهناك كتاب نقدي لكتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم سبقت افشارة إليه في الملتقى، وهو كتاب يتميز بالإنصاف في المناقشة والحوار، والأدب في الأخذ والرد. وهو كتاب

رسم المصحف والإعجاز العددي

(دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم)

للدكتور أشرف عبدالرزاق قطنة.

وقد قدم له الدكتور وهبة الزحيلي، والأستاذ محمد راتب النابلسي، والأستاذ نذير كتبي.

والكاتب قام بشكل رئيسي في كتابه هذا بدراسة ثلاثة كتب اعتنت بموضوع الإعجازز العددي في القرآن الكريم، هي:

1 - كتاب (معجزة الرقم (19) - مقدمات تنتظر النتائج).

لكاتبه بسام نهاد جرار. وهو يدرس العلاقة بين الحروف في فواتح السور، وبعض كلمات القرآن الكريم والعدد 19.

2 - كتاب (الإعجاز العددي للقرآن الكريم) لمؤلفه الدكتور عبدالرزاق نوفل. وهو يدرس العلاقات بين تكرار ورود الكلمات المترادفة والمتضادة في القرآن الكريم.

وفقكم الله أخي ناصر لما يحب ويرضى، وأرجو أن يتواصل هذا الجهد العلمي الموفق في موقع الإسلام اليوم وموقع أهل التفسير فالهدف واحد ولله الحمد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير