تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قدرة على صياغة الكلام والمعانى، ولذلك يسطو على ما كان هذا الشيطان قد أوحاه، حسب زعمهم، إلى محمد ثم يدّعيه لنفسه. ثم إنه مُلْقِيه رغم هذا كله فى قعر الجحيم يوم القيامة لقاء ما استعان به، وذلك على طريقة الأمريكان، إذ يظلون يعصرون الحاكم من حكام العالم الثالث حتى يستنزفوه لآخر قطرة فيه ثم ينقلبون عليه آخر الأمر ويجزونه جزاء سِنِمّار!

وهذا دليل آخر على أن مزيفى هذا " الضلال " إنما هم الأمريكان! إنها نفس الأخلاق المنحطة، وإن كان الشىء من معدنه غير مُسْتَغْرَب!

ولكن ما مغزى عمل هؤلاء الشياطين؟

إنه دليل لا يُنْقَض على أنهم يَرَوْن فى أعماق قلوبهم أن أسلوب القرآن معجز، وإن أنكروا هذا بألسنتهم النجسة، ولذلك استعانوا به رغم اتهامهم للقرآن كله بأنه من وسوسة الشيطان! وهنا أيضا لن أفعل شيئا آخر غير الاقتباس من كلامهم، إذ نجدهم فى الفقرة الأولى من " سورة السلام " يدّعون لبهتانهم هذا أنه وحى معجز. إذن فالقرآن معجز فى رأيهم رغم كل الكذب الذى اقترفوه ضد كتاب الله فى نصوصهم المسروقة كلها تقريبا منه، وهذا نص ما قالوه: " إنا أنزلناه فرقانًا حقًّا بلسانٍ عربىٍّ بيّن الإعجاز لتتبينوا الضلال من الهدى وتعلموا سوء ما كنتم تفعلون ".

ترى ما رأى القارئ الكريم فى ألاعيب هؤلاء النغول الخائبة؟

إن المسلمين يقولون، حسبما يقرأون فى كتاب ربهم وحسبما أكده العلماء الأثبات منا ومنهم، إن أهل الكتاب أساتذة فى العبث بالوحى الإلهى الذى نزل على رسلهم وتحريفه عن مواضعه، لكنهم دائما ما يتهموننا بأننا نردد كلاما غير صحيح. فهل، بعد أن بيّنّا ما صنعوه فى هذا " الضلال المبين "، يمكن لأحد أن يتمارى فيما يتهمهم به القرآن والمسلمون؟ هل يحتاج بعد اليوم أحد إلى برهان آخر على ذلك العبث والتزييف والتدليس والانتحال؟

والغريب بعد هذا كله أنهم قد زيَّفوا، فيما زيفوا من سُوَر ٍ، سورةً بعنوان " الأساطير " تقول أول آية منها للمسلمين: " يا أهل التحريف من عبادنا الضالين "! لا بل إنهم يتهمون الرسول بأنه قد حرّف الإنجيل نفسه! إى والله، الإنجيل نفسه دون أدنى مبالغة! وهذا ما قالوه فى الفقرة الأولى من "سورة الإيمان " بالحرف الواحد: " وحرَّفْتُم آيات الإنجيل الحق وكتمتم كلمتنا واتبعتم صراطا ذا عِوَج وأوهمتم أتباعكم أنكم على صراط مستقيم ". ولا أدرى بالضبط ما الذى جرى لعقول القوم فأقدموا على هذه الهلاوس التى ليس لها من حل إلا أخذ صاحبها على الفور لمستشفى المجانين خَبْطَ لَزْق! وصدق المثل القائل: "رمتْنى بدائها وانسلَّتِ"! الحقّ أن هؤلاء الناس (هذا إذا تجاوزنا وألحقناهم بالبشر) لا يعرفون ما يسمَّى فى اللغات بـ " الحياء "!

على أن سرقتهم لكلمات القرآن وعباراته وتركيباته وصوره وفواصله لا تجعل مع ذلك من " بهتانهم " كلاما معجزا. لماذا؟ لأنهم يفعلون ما يفعله الخياط الغبى الذى يأتى إلى أفخم الحُلَل والملابس فيقتطع من كل منها مِزْعة ثم يشبك هذه المِزَع بعضها مع بعض. وبطبيعة الحال لن ينتج عن ذلك إلا مرقّعة كمرقّعات الدراويش تبعث على السخرية أو على الرثاء أو عليهما معا!

ذلك أن هؤلاء الأوغاد لم ينجحوا قط فى أن يضعوا ما يسرقونه من نصوص القرآن فى مواضعها وسياقاتها، بل يضعونها فى إطار يختلف عن إطارها الذى نُقِلَت منه.

علاوة على أن أولئك اللصوص لا يحسنون عملية لزق النصوص المسطوّ عليها، إذ كثيرا ما تأتى متنافرة لا انسجام بينها.

فضلا عن أن الفواصل (أى نهايات الآيات)، التى يسرقونها هى أيضا من القرآن، لم يتصادف أن جاءت ولو مرة واحدة كما ينبغى أن تأتى الفاصلة الجيدة قارَّةً فى مكانها حاسمةً فى موسيقيتها ومعناها، بل يشعر القارئ أنهم قد اجتلبوها اجتلابا، لا لشىء غير أن يُنْهُوا الآية بسجعة والسلام.

كذلك فإنهم إذا أضافوا شيئا من عندهم كما يقع أحيانا لم يجيئوا إلا بكلام ركيك ثقيل الظل وخيم الأنفاس!

والسورة التى أوردتُها فيما مضى من صفحات تشهد على ما أقول.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير