تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد كان التعدد هو شريعة الأنبياء إلى أن حرّف أهل التثليث دينهم وابتدعوا أناجيل ما أنزل الله بها من سلطان ونسبوا للسيد المسيح، عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة السلام، أقوالا وتشريعات ينقض هو فى بعضها أحكام التوراة ويفسِّرون هم بعضها الآخر بما ينقض التوراة، ثم جاء بولس الكذاب اللعين فبَرْجَلَ النصرانية وشَقْلَبَ حالها. لقد ابتدأ حياته فى النصرانية بكذبة بائسة مثله وابتلعها القوم بما يدل على خلوّ رؤوسهم من العقل، وإلا فهل يصدّق أى شخص عنده مُسْكَة من هذا العقل أنه، عندما شاهد نورا فى السماء قبل تحوله إلى النصرانية مباشرة وسمع صوتا يسأله لماذا يضطهده، كان سؤاله لهذا الصوت: من أنت يا رب؟ (أعمال الرسل / 9/ 3 – 5، و 26/ 14 - 15). أأنا فى حُلْمٍ أم فى عِلْمٍ يا إلهى؟ أهذا سؤال يُسْأَل؟ إن هذا الكذاب قد أجاب فى السؤال على السؤال، وإذن فما معنى السؤال؟ لكننا لا ينبغى أن نطرح مثل هذا السؤال، لأن الأباعد لا يدركون معنى لمثل هذا الجواب أو ذاك السؤال، وإلا لكانوا قد تركوا النصرانية كلها بسبب بولس وما افتراه من جواب فى هيئة سؤال! حلوة " من أنت يا رب؟ " هذه! دمّها مثل الشربات: شربات الطُّرْشِى، بل شربات الفسيخ!

لقد كان جواز تعدد الزوجات هو تشريع الأنبياء كما قلنا، لكن مؤلف إنجيل متى عزا لعيسى كلاما فهم منه القوم أنه يحرم التعدد، مع أن الكلام لم يكن فى التعدد قط، بل فى الطلاق! يقول متى (19/ 3 – 12): " ودنا إليه الفَرِّيسِيُّون ليجربوه قائلين: هل يحلّ للإنسان أن يطلِّق زوجته لأجل كل عِلَّة؟ * فأجابهم قائلا: أما قرأتم أن الذى خلق الإنسان فى البدء ذكرًا وأنثى خلقهم وقال: * لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران كلاهما جسدا واحدا؟ * فليسا هما اثنين بعد، ولكنهما جسدٌ واحد. وما جمعه الله فلا يفرّقه إنسان * فقالوا له: فلماذا أوصى موسى أن تُعْطَى كتابَ طلاق وتُخَلَّى؟ * فقال لهم: إن موسى لأجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلّقوا نساءكم، ولم يكن من البدء هكذا * وأنا أقول لكم: من طلَّق امرأته إلا لعلة زنى وأخذ أخرى فقد زنى * فقال له تلاميذه: إن كان هكذا حال الرجل مع امرأته فأجدرُ له ألا يتزوج * فقال لهم: ما كل أحد يحتمل هذا الكلام إلا الذين وُهِب لهم * لأن من الخصيان من وُلِدوا كذلك من بطون أمهاتهم، ومنهم من خصاهم الناس، ومنهم من خَصَوْا أنفسهم من أجل ملكوت السماوات. فمن استطاع أن يحتمل فلْيحتمل ". هذا هو نص الكلام الذى ذكروا أن عيسى عليه السلام قد قاله فى تعدد الزوجات وفهموا منه أنه يحرّم هذا النظام الذى أقره الأنبياء جميعا.

ومن الواضح أن عيسى عليه السلام (إن صدّقنا أنه هو قائل هذا النص) لم يتطرق لموضوع التعدد من قريب أو بعيد، إذ كان الكلام كله عن الطلاق.

وإذا كان قد عرَّج على سبيل الاستطراد إلى موضوع الإضراب عن الزواج، فهذا أيضا لا علاقة له بالتعدد من قريب أو بعيد.

أما قوله: " ذكرًا وأنثى خلقهم " فلا أدرى كيف يمكن أن يؤدى إلى إلغاء التعديد، إلا إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق لكل رجلٍ زوجةً باسمه لا يتزوجها إلا هو، ولا تموت قبله أو يموت هو قبلها، وإلا إذا كان عدد الرجال فى كل المجتمعات مساويا تماما لعدد النساء فى كل العصور، وهذا عكس المشاهد للأسف فى هذه الدنيا الغريبة التى يريد بعض المتهوسين أن يصبّوها فى قوالب من حديد كما كان يفعل أهل الصين مع أقدام بناتهم الصغيرات قديما حتى لا تكبر بل تظل دقيقةً مُسَمْسَمَة، إذ إن النسبة المئوية لعدد من فى سن الزواج فى المجتمعات كلها تميل دائما لصالح المرأة كما تقول الإحصاءات السكانية. ولا ننس بالذات الحروب، التى يروح فيها من أرواح الرجال أكثر مما يذهب من أرواح النساء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير