تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا مثال من التشريعات التى وجدها النصارى تحت أيديهم فطبقوها بمنتهى الدقة والإخلاص (والمحبة والتسامح والتواضع أيضا من فضلك!) متى واتتهم الظروف كما حدث فى أمريكا وأستراليا مثلا، وكما حدث فى الأندلس عندما سقطت فى أيديهم فنكَّلوا بالمسلمين تنكيلا رهيبا، وكما حدث كذلك فى فلسطين، التى امتلخوها من العرب والمسلمين وأعطَوْها لليهود. وكدَيْدَنِهم عملوا على أن يصبغوا هذه الجريمة بصبغة إنسانية فزعموا أنهم إنما يريدون أن يعوّضوا اليهودَ عما ذاقوه من ويلات. على يد من؟ على يد النصارى أنفسهم، وليس على أيدى العرب والفلسطينيين! لكن متى كان الإجرام والتوحش يبالى بمنطق أو عدل أو أخلاق؟

أما الحرب فى الإسلام فلا تُشَنّ إلا للدفاع عن النفس كما هو معلوم، وليس بحجة أن الله قد أعطانا بلاد الآخرين والسلام، استلطافا منه لنا!

أما عند هزيمة العدو فإننا نأسره ولا نقتله، ثم بعد انتهاء الأعمال القتالية فإما أطلقنا سراح الأسرى دون مقابل، وإما أخذنا منهم الفدية لقاء تركهم يعودون لذويهم. أما المحو والاستئصال الذى يأمر رب اليهود شعبه به فلا مجال له فى الإسلام!

ومع ذلك كله يظل هؤلاء المناكيد يرددون أكاذيبهم عنا وعن قسوتنا وإكراهنا غيرنا على الدخول فى ديننا ... إلى آخر تلك المفتريات اللعينة.

ولكن ما وجه الغرابة فى هذا، وقد اجترأوا على الله نفسه فصنعوا كلاما سمجا كله كفر وقلة أدب وسفاهة وتطاول على رسول الله، ثم ادَّعَوْا أنه من عند رب العالمين؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يطمئن له عاقل ذو ضمير؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يكون فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان؟

وفى النهاية أرجو أن يكون القارئ قد تنبه لحكاية" الجزية " فى النصوص السابقة المأخوذة من الكتاب المقدس بعهديه العتيق والجديد جميعا، فإنها تكذِّب الأوغاد المجرمين مخترعى الوحى المزيف وناسبيه لرب العالمين كفرًا منهم وإلحادا، إذ يزعمون أن الرسول هو الذى اخترع " الجزية " من عنده وأنها لم تنزل من السماء!

وكما يُبْدِئ الأوغاد المجرمون ويُعِيدون فى الزعم بأن الإسلام انتشر بالسيف رغم أنهم هم الذين نشروا دينهم بالسيف والكذب والخداع واستغلال السذاجة عند الشعوب البدائية ... إلخ، فكذلك نراهم يُبْدِئون ويُعِيدون فى الإزراء على الجنة ونعيمها كما صورها القرآن الكريم، مدَّعين أنها جنة مادية شهوانية لا تليق بالناس المتحضرين أمثالهم من أصحاب الروحانيات والخلق السامى الكريم!

عجيبٌ أمر هؤلاء الأوغاد عجيبٌ عجيب! أية روحانيات يتحدثون عنها، وقد نزلوا بربهم من عليائه إلى دنيا البشر المادية فتجسَّد وأكل وشرب وتجرع الخمر وصنعها آية لضيوف حفل قانا الجليل وتبول وتغوَّط وتألم وحزن ولُعِن وشُتِم وضُرِب وأُهِين وحُوكِم وصُلِب، ثم مات أيضا " فوق البيعة " كيلا يكون أحدٌ أحسن من أحد؟

أَوَبَعْد أن جسَّدتم الله تواتيكم نفوسكم على التظاهر بالاشمئزاز من جنة المسلمين قائلين إنها جنة مادية؟

وماذا فى الجنة المادية؟ ألا تحبون الأكل؟ ألا تحبون الشرب؟ ألا تحبون الجنس؟ ألا تحبون التمتع بالظلال والجمال والهدوء؟ ألا تحبون أن تستمعوا إلى الأصوات العذبة الجميلة؟ ألا تحبون راحة البال وسكينة النفس بعد كل هذا القلق الذى اصطليناه فى الدنيا؟ إن من يقول: " لا " لأى من هذه الأسئلة لهو ثُعْلُبَانٌ كذابٌ أَشِرٌ عريقٌ فى النفاق والدجل! فما الحال إذا عرفنا أن هذه المتع الفردوسية ستكون متعا صافية مبرَّأة من كل ما كان يتلبَّس بها على الأرض من نقصان ونفاد وملل أو كِظَّة وغثيان أو قلق وآلام وأوجاع وإفرازات وعلل وتعب وكدح وصراع وخوف، وكذلك من كل ما كان يعقبها من إخراج وتجشؤ وفتور وإرهاق ونوم ومرض ... إلخ؟

لقد ذكر القرآن المجيد أنه فى العالم الآخر سوف " تُبَدَّل الأرضُ غَيْرَ الأرض والسماواتُ " (إبراهيم / 48)، وأن أهل الجنة " لا يَمَسّهم فيها نَصَبٌ، وما هم منها بمُخْرَجين " (الحجر/ 48)، وأنهم سيَبْقَوْن " خالدين فيها لا يَبْغُون عنها حِوَلا " (الكهف / 108)، وزاد الرسول الكريم فى أحاديثه الأمر بيانا فأوضح أن هذه المتع ستكون متعا خالصة تماما لا يكدّرها مكدِّر عضوىّ أو نفسىّ. فما وجه التنطع والاشمئزاز الكاذب إذن؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير