وثائق أولى أساسية كثيرة، ضياع لا مرجوع عنه ولا تعويض له" (الإسلام- أوربا- الغرب/ 115!. وانظر كذلك كتابه "القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى"/ 106 فى المتن والتعليق فى الهامش).
كما يؤكد أنه ما من أمل أى أمل فى بعث المشروعية الإسلامية (أو "المشروعية التقليدية" كما يسميها على سبيل
المراوغة)، وأن المشروعية الوحيدة الحقيقية والعادلة هى التى لا تدين بالولاء إلا للعقل الحر المستقل عن أى ولاء أو خضوع لهيئة أخرى تتجاوزه (الإسلام- أوربا- الغرب/ 115 - 116).
وهو ما يعنى فى حالتنا هذه رفض الوحى والنبوة المحمدية، إذ ليس الوحى والنبوة من نتاج العقل، بل آتيين من خارجه، وإن لم يكن فيهما بالضرورة ما يرفضه هذا العقل بعد التفكير والتمحيص السليم حسب اعتقادنا نحن المسلمين فى ديننا وفى النبى الذى أتى به.
لكن ما هذه الوثائق التى يقول كاتبنا إنها ضاعت ضياعا أبديا، ومن ثم لم يعد بإمكاننا دراسة "لحظة النبوة" كما يسمى الرسالة المحمدية على طريقته فى تغيير المصطلحات وابتداع مصطلحات أخرى بديلة لا يثير انتقادُ مفاهيمها، فيما يَتَصَوَّر، حساسيةً عند المسلمين؟
أليس القرآن بين أيدينا، وكذلك الأحاديث وكتب السيرة والتاريخ والنصوص الشعرية؟
بلى، بَيْد أن الدكتور أركون الذى لا يعجبه العجب يشكك فى النص القرآنى تشكيكا لم يشككه، فى حدود ما أذكر، أعتى المستشرقين والمبشرين كراهية لهذا الدين ونبيه والكتاب الذى أُنْزِل عليه، ودَعْنا من الحديث والسيرة وغيرهما، فما دام القرآن قد أصبح غير ذى موضوع من حيث الثقة به كوسيلة للاقتراب من فهم الرسول ورسالته، فإن أمر تلك الكتب لا يعود يساوى شيئا.
أم تراه يقصد أنه كان للنبى عليه السلام متحف وطنى كانت محفوظة فيه وثائق الدولة التى لا يمكن الاطلاع عليها إلا بعد ثلاثين عاما من حفظها، ثم شَبَّ فيه حريق بيد فاعل مجهول من الذين يكثر أمثالهم فى بلادنا أيام جَرْد
العُهْدة، أو أحرقه أزلام الاحتلال الأمريكى حين دخلوا المدينة "المنورة" بدباباتهم ومجنزراتهم حاملين معهم عملاءهم الذين ظلوا يزينون لهم احتلالها حتى اقتحموها ودمروها وقطعوا عنها الكهرباء وجعلوها "ظلاما فى ظلام"، ثم زادوا فكلفوا أزلامهم بحرق المتحف الوطنى وصيَّروا عاليه واطيه؟
أم تراه يقصد بالوثائق أفلاما تسجيلية صورها أعداء محمد فى الأوقات التى كان، عليه السلام، يقول إن الوحى يتنزل عليه فيها، وذلك لإثبات أنه لا وحى ولا يحزنون (وإلا فلماذا لم يظهر جبريل ولا فى لقطة واحدة فى فلم من هذه الأفلام؟)، ثم تنبَّه النبى لهذه الأفلام وخطرها على دعاواه فأوعز لرجاله أن يحرقوها حتى لا تقع فى يوم من الأيام بعد أربعة عشر قرنا فى يد رجل ينتسب إلى أمته، ويوافق اسمُه اسمَه، وتخالف سُنّتُه سُنّتَه، وآخر لقبه "واو" و"نُون"، ويربّيه المستشرقون، ويسخر منه المسلمون، ويعيش فى مدينة اسمها " عنتريس؟ هردميس؟ دردبيس؟ فسافيس؟ مهاويس؟ متاعيس؟ هاديس؟ سنتريس؟ "، حاجة كذا تنتهى بـ"إيس" (آخْ! بَسْ، بَسْ! أتقول: "سنتريس"؟ عرفتُها، عرفتُها: "باريس! "، إذ كثيرا ما ربط زكى مبارك بين قريته "سنتريس" و"باريس" التى حصل منها على الدكتورية! والرجل الذى آخر لقبه "واو" و"نون"، هو "أركون")، ويحاول عن طريق التفكيكية والأركيولوجية
والأنثروبولوجية والفينومونولوجية والجوهرانية والبسبسانية أن يَفْتِش الحقيقة ويبين أنه لم يكن ثمة وحى ولا نبوة ولا يحزنون؟ (ولا تسألونى: ما البِسْبِسانية؟ فهى من غريب لغة القطط، فاسألوا أولاد وبنات نَوْنَوْ، ولا تسألونى أنا).
لكنْ أية وثائق "أولى" و"أساسية" و"كثيرة" تلك التى تتحدث عنها يا دكتور؟ أأنت جاد فيما تقول؟ لقد أضحكتنى فى هذه الأيام السود التى تمر بها أمة محمد (لا يا دكتور. حاسِب، حاسِبْ، لا أقصد "أمة محمد" أركون، بل "أمة محمد" بن عبد الله الذى تشكك فيه وفى دينه والقرآن الذى نزل عليه، ظنًّا منك أنك ستفعل ما لم يستطعه أحد من أعداء الإسلام، من الوثنيين والشيوعيين واليهود والنصارى وعبّادِ الشياطين وعبّادِ البقر وعبّادِ الخنافس والثعابين وعبّاد ما لا أدرى ماذا أيضا (وكذلك عبّاد ما أدريه، ولكنه لا يقال على الملإ) على مدى أربعة عشر قرنا، ألا وهو تدمير الإسلام، انخداعا بالزَّلَمَة الذى باع
¥