وهاهم أولاء أيضا يقفون على النواصى ويعترضوننا فى الطرقات يسوِّقون التبعية الذليلة لأمريكا والغرب، تلك التبعية التى لا تؤدى إلا إلى الدمار والضياع.
ليس ذلك فحسب، بل يقتحم كثير منهم أوطان الإسلام فوق دبابات المستعمر الذى جلبهم معه من بلاده حيث كانوا يعيشون بعيدا عن أمتهم وقد تخَلَّوْا عن دينها ونمط أخلاقها واتبعوا دينه وخلقه وسلوكه.
ألم تكفنا العقود الطويلة التى اجتاح الجرادُ الغربىُّ فيها بلادنا ونهَب ثرواتنا وأذلَّنا وعمل كل ما فى طاقته للإبقاء علينا متخلفين لا نفكر فى شىء آخر غير أن نكون خدما بل عبيدا له؟
طيب يا أخى، إذا كانت أوربا قد نَضَتْ عن نفسها رداء الكهنوت الدينى فهذا أمر طبيعى كان ينبغى أن يتم منذ قرون حين جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالدين الصحيح ونبَّه أهل الإنجيل إلى ما صنعوه بدينهم من تزوير وتحريف وتوثين وتشويه للعقيدة والتشريع، أى حولوه من دين إلهى إلى فكر بشرى هو بطبيعته ابن الأرض ونتاج التاريخ، علاوة على أن دينهم قد نزل أصلا ليواجه مطالب مرحلة تاريخية فقط ولقوم معينين يعيشون فى بقعة جغرافية معينة، ثم يذهب لحال سبيله بعد أن يشرق نور الإسلام. أما نحن، أصحاب الرسالة العالمية التى لا تحدها أية حدود تاريخية أو جغرافية أو قومية، فماذا عندنا من تحريفٍ أو تشويهٍ لنصوص الوحى أو عبثٍ وتلاعبٍ بالعقائد والتشريعات الواردة فيه حتى نصنع ما صنعته أوربا؟
ألم يسمع مستشارو السوء بقول الرسول العظيم: "لا يكن أحدُكم إمَّعة"؟ بلى لقد سمعوا به وبغيره مما أتى به سيد
الخلق لعزّ الدنيا والآخرة، لكنهم يكرهون العزة والكرامة ورسول العزة الكرامة، ويؤثرون عليهما الهوان والانبطاح أمام البلطجيين الدوليين.
إن الإسلام لا غيره، رغم قلة إمكانات المسلمين العلمية والاقتصادية والعسكرية والتنظيمية فى هذا الطور المخزى من تاريخهم، هو الذى حرر بلاد العرب والمسلمين من الاستعمار الغربى الكافر المجرم، وهو الذى لا يزال يقف شوكة فى حلوق هؤلاء البلطجية العالميين، وهم يريدون اقتلاع هذه الشوكة بكل الوسائل، ومن بينها أمثال هذه الكتب التى يؤلفها كاتبنا الشقلباظى، ويترجمها له ننُّوس عَيْنه.
هذه هى الحكاية بالمفتشر، أما "الشقلباظات" الأركونية، وكذلك "الإسهامات" الهاشمية الصالحية (التى تريد أيضا أن تبعث من رقدة العدم منصور فهمى ورسالته التى شجعه المستشرقون على أن ينال فيها من الرسول والإسلام، إن
لم يكن قد كتبوها بأنفسهم له حسبما قرأتُ مرةً لأحد العارفين بخفايا الأمر، ومنحوه عليها درجة الدكتورية، وكان مشرفه فيها هو البهودى ليفى بريل)، فهى شقلباظات وإسهامات ضالّة مضلّة لا تجوز إلا على النَّوْكَى والمغفَّلين، نعوذ بالله أن نكون من النَّوْكى أو المغفَّلين أو الشقلباظيين أو الإسهاميين. آمين، يا أكرم الأكرمين!
إن ما ينادى به أركون وتابعه ( ... ) لَيُشْبِه ما تقوم به أمريكا الآن فى العراق، الذى كان عامرا، والحمد لله. إنها تريد
إعماره، وبما أنه كان عامرا فلا بد من تدميره إذن وتخريبه حتى يمكن تعميره لأن تعمير المعمَّر مستحيل كما هو معروف: فهذا شىء لزوم الشىء، أى أن الخراب هنا لازم لتحقيق العمار. وعلى نفس المنوال فلا بد أن يزلزل أركون وجماعته الإسلام (الذى يقاوم مخططات الاستعمار وعدواناته الإجرامية الوحشية وقام وما زال يقوم بمهمته التحريرية العظيمة على خير ما يرام) حتى يمكن أن يبثوا فى نفوس المسلمين الروح التحررية، إذ من غير الممكن أن تُبَثّ الروح التحررية فى نفوسهم فى الوقت الذى لا تزال هذه الروح موجودة بداخلهم. أى أن الخراب هنا أيضا لازم لتحقيق العمار! وعند خراب بصرة يكون قد تحقق، بحمدالله، تحرر المسلمين، ولكن مِنْ ماذا؟ من الإسلام طبعا، وهل هناك غيره؟ ومن ثم يكون قد تم القضاء على الروح التحررية تماما فى نفوس المسلمين. وهذا هو المطلوب، وهذه هى المهمة التى يمنّ علينا هاشم صالح بأن أركون يؤديها خدمةً لنا وعشقًا لسواد عيوننا!
مسكين أركون وتابعه.
إن هذا المنطق الإبليسى الذى يظل يلفّ ويحوم حول نفسه داخل الدائرة الجهنمية ذاتها لا يبارحها لَيُذَكِّرنى
¥