تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أشخاصا كواشنطن إرفنج أو جورج سيل أو إدوارد لين أو ريتشارد بيرتون أو جرترود بل أو بلنت أو كرومر أو محمد أسد أو أسد بك أو مارمادوك بكثال أو مارتن لنجز أو ديزموند ستيوارت أو مراد هوفمان أو روجيه جارودى أو روبرت فيسك أو الجنرال دوتى أو إتيين دينيه أو جينو أو موريس بوكاى على سبيل المثال؟ إن كلامك لا يعنى إلا أن فى الأستاذ الجامعى سرًّا إلهيًّا لا يتوفر لغيره، مع أن الذكاء والعلم والاهتمام والمقدرة على الإنجاز فى هذا المجال متاحة للجميع كما يقول الواقع والتاريخ. بل إن المؤلفات التى خلّفها وراءه هذا النوع غير الأكاديمى من المستشرقين لا تقل أهيمة عن الاستشراق الأكاديمى فى التعريف بالشرق، إن لم تزد. ذلك أن الشرق ليس كتبا قديمة أو تاريخا ماضيا أو أدبا فقط، وهذا بافتراض أن المستشرق الصحفى مثلا لا يهتم بهذه الأشياء، بل هو شوارعُ وأبنيةٌ وملابسُ وأطعمةٌ، وتعاملاتٌ يوميةٌ من كل لون، ٍ وأحداثٌ حيّةٌ معاصرةٌ، وآمالٌ وتطلعاتٌ وتخطيطاتٌ للمستقبل ... مما لا يهتم به المستشرق الجامعى عادة، بخلاف المستشرق الرحالة أو المستشرق السياسى وأمثالهما. من الممكن أن نقول إن هناك استشراقا جامعيا، واستشراقا سياسيا، واستشراقا صحفيا ... وهلم جرا، أما أن نقول إن الاستشراق لا يكون إلا جامعيا، فماذا نفعل إذن يا ترى بغير الجامعيين ممن يكتبون عن الشرق ويهتمون به، ولهم نتاجٌ مهمٌّ يلقى الضوء على الشرق ويبحث فى ثقافته وتاريخه وحاضره وأوضاعه وسائر قضاياه؟ كذلك اسمح لى أن أنبه القراء إلى أن العربية والفارسية والتركية، رغم أهميتها وتفوقها فى مجال الاستشراق على غيرها من لغات المنطقة، ليست هى كل ما يحتاجه المستشرق الإسلامى، إذ هناك الأوردية والبنغالية واللغات الإفريقية التى يتكلمها المسلمون من غير الشعوب التى تتحدث وتكتب باللغات الثلاث المذكورة. إننى قد أفهم اقتصارك فى حديثك هنا على أنه رغبة فى اختصار الكلام، ولا أظنك تقصد أن اللغات الأخرى التى يتكلمها ويكتب بها المسلمون الآخرون لا تهم المستشرق فى شىء، وإلا فهل يُعْقَل أن يهمل أىُّ مستشرقٍ جادٍّ التراثَ الذى تركه علماء كأبى الأعلى المودودى أو مولانا عبد الماجد دريابادى أو مولانا أبو الكلام أزاد أو حتى كاتبة كتسليمة نسرين؟ لكننى رغم هذا أوافقك تماما فى الإنكار على من يزعمون أن "كلَّ فردٍ يُدْلي برأيه في شؤون العالم العربي والإسلامي، أو يُدلي بدلوهِ في الأمور السياسيةِ في الشرق الأوسط يُعتبرُ مُستشرقًا، حتى ولو كان صَحفيًّا أو عالمًا في العلوم الاجتماعية أو سياسيًّا غير ناطقٍ باللغة العربية"، وهذا نص كلامك. إلا أن هذا غير ذاك كما ترى!

وجوابًا على السؤال التالى:"كيف يمكن تلخيص طبيعة الفهم الاستشراقى للقرآن الكريم، وتوثيق القرآن عند المستشرقين؟ وهل يختلف هذا الفهم عن الفهم للقرآن عند الباحثين المسلمين؟ " قلتَ إن "الفهم الاستشراقيّ للقُرآنِ يختلفُ كُلَّ الاختلافِ عنهُ عندَ المسلمين عامةً، والباحثين المسلمين خاصةً، وذلك ما أَثارَ تَوتُّرًا، بل حقدًا إنْ صحَّ التعبيرُ، بينَ الطرفين الإسلاميِّ والأُوروبيِّ. إنَّ المستشرقَ الذي يدرسُ نصَّ القرآنِ وعُلومَه لا ينطلقُ من الحقيقةِ المطلقةِ لدى المسلمين أَنَّّ هذا النصَّ وحيٌ مُنَزَّل، أَي لا يدرسهُ مِن زاويةِ الإيمانِ، بل مِنْ زاوية العلمِ المنفصلِ مِن جَميع ما يدخلُ في باب الإيمان والعقيدةِ. الاستشراقُ يُعالج النصَّ القرآنيَّ وِفقًا لِمَعاييرِ علومِ الدياناتِ العامةِ، وَوفقًا لعلوم التأريخ، فمِن هنا يُمكنُ القولُ: إِنَّ نصَّ القرآنِ في رأي الاستشراقِ ليس إِلاَّ وثيقة تاريخية ثَمينة، باعتباره مبدأً أساسيًّا في إيمان المسلمين وعقيدتهم. وهذا ما ينبغي على الباحث المسلم مراعاته عند القراءة في دراسات المستشرقين أو مناقشتهم حتى لا يحصل الخلل في الفهم والنتائج".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير