تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

Vol. II, P. 243)، كما رفض وليم موير تفسير ظاهرة الوحى بالصَّرْع قائلا إن نوبة الصَّرْع تمنع المصروع من تذكر ما مر به أثناءها ( Sir William Muir, Life of Mohammad, John Grant, Edinburgh, 1912, PP. 14- 29). ولقد استقصيت بنفسى أعراض الصَّرْع فى أحد المعاجم الطبية الإنجليزية وفى "دائرة المعارف البريطانية" فلم أجد شيئا منها ينطبق على حالة النبى الكريم، مما يعزز ما قلتُه فى بوهل حين وصفت ما صنعه بأنه كذب! ومن الممكن للقارئ أن يراجع ما كتبتُه فى هذا الصدد بالتفصيل فى كتابى: "دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" (ص 28 - 32).

أترى ما فعله بوهل يا دكتور مورانى هو من العلم فى شىء؟ إننا لا نطالبه هو ولا غيره بالإيمان بأن القرآن وحى إلهى، بل نستسمحه ونقبّل رأسه حتى يقبل ألا يكذب، على الأقل ألا يكذب هذا اللون من الكذب المفضوح الذى لا يمكن تجميله! أترى هذا شرطا تحكميا من جانبا؟ وهأنتذا ترى، يا دكتورنا العزيز، أن الخلاف بيننا وبين بوهل، وما بوهل إلا مثال، هو خلاف فى تطبيق المنهج العلمى والالتزام بالقيم العلمية، وهذا كل ما هنالك! إننا لم نقل له مثلا إن محمدا رسول من عند رب العالمين، ومن ثم لا ينبغى أن تتهمه بالصَّرْع، بل قلنا له إن أعراض الصرع لا تصدق على حالته، وإنك حين زعمت أن المحللين النفسانيين قد أثبتوا أن حالته هى فعلا حالة المصاب بهذا المرض كنت تكذب، فضلا عن أنك سرعان ما فضحت نفسك حين قلت: فلندعْهم يقررون بأنفسهم طبيعة حالته بدقة، وهو ما يعنى بكل صراحة أنهم لم يقولوا بعد شيئا فى هذا الموضوع! وفى النهاية أحب أن أذكر أن كتّاب مادة " MOHAMMED" فى " JewishEncyclopedia.com" يتهمون هم أيضًا الرسول عليه السلام بأنه كان يعانى منذ صغره من الإصابة بالصَّرْع، أى أن ما يسمَّى بنزول الوحى عليه لم يكن إلا نوباتٍ صَرْعِيّةً تعتريه!

شىء آخر يفعله المستشرقون بالقرآن ولا يتفق مع المنهج العلمى، وليس فى انتقادنا له أدنى دلالة على أننا نحن المسلمين نريد منهم أن يعاملوه بوصفه كتابًا سماويًّا، وهو ما يُقْدِم عليه بعضهم من ترتيب القرآن ترتيبا يقولون إنه ترتيب تاريخى. ووجه مخالفة هذا الصنيع للمنهج العلمى أن مؤلف "ذلك الكتاب" (كما تسمون الرسول الكريم) قد وضعه على الترتيب الذى أمامنا الآن، وعلينا نحن الدارسين أن نحترم ترتيبه. ثم لماذا لم نر أحدا منكم أتى للكتاب المقدس ورتبه تاريخيا مثلما يفعل بعضكم مع القرآن؟ وممن فعل هذا بكتاب الله داود ورودويل وبلاشير فى الطبعة الأولى من ترجمته للقرآن. وهذه مجرد أمثلة.

وما دمنا نتكلم عن بلاشير، أيصحّ فى نظر العلم أن يُقْدِم هذا الرجل على إضافة جملتَىْ: "إنهن الغرانيق العُلَى* وإن شفاعتهن لَتُرْتَجَى" إلى ترجمته لسورة "النجم"، وهما الجملتان اللتان تمدحان أوثان قريش واللتان يقال فى إحدى الروايات إن الشيطان قد ألقاهما فى القرآن ثم حُذِفَتا فى الحال؟ أنا لا أريد الآن أن أجادل فى مدى صحة هاتين الجملتين من الناحية القرآنية، بل سأفترض أنهما كانتا فعلا جزءا من القرآن! لكن ألم يحذف مؤلف القرآن (كما تسمون النبى محمدا) هاتين الجملتين من كتابه؟ وعلى هذا ألم يكن من الواجب الالتزام بالنص كما انتهى إلينا؟ أليس هذا هو ما يطالبنا به العلم؟ ثم إن كان الدكتور بلاشير لا يطيق سكوتا على هذه المسألة، ويرى أن الدنيا لن يصلح حالها إلا بالإشارة إلى ما كان رغم أنه ليس إلا رواية واحدة من روايات فى هذا الصدد، فضلاً عن أنها رواية لا تدخل العقل كما سيتضح حالا، لقد كان له فى الهامش مندوحة يقول فيها ما يشاء دون أن يسىء إلى النص أو إلى أمانة العلم! ( Blachere, Le Coran, Librairie Orientale et Americaine, Paris, 1957, P.561)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير