ـ[أخوكم]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:32 م]ـ
أستغفر الله العظيم
ورحم الله الرازي وغفر له ذنوبه
ورفع الله قدر المتريثين الذين يتثبتون ثم ينصفون الناس
ويذكرون إخوانهم إذا أخطأوا
ويعيينوهم إذا أصابوا
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[16 Apr 2005, 08:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الإشكالات التي نقلها الرازي وأجوبته عليها، والزيادة في الجواب بما يناسب المقام إن شاء الله تعالى:
الإشكال الأول: إنا لو جوزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر لزم السفسطة، فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات، وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمداً صلى الله عليه وسلم يأمرهم وينهاهم وجب أن لا يعرفوا أنه محمد لاحتمال أنه ألقي شبهه على غيره وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع، وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة على أن يكون المخبر الأول إنما أخبر عن المحسوس، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية.
جواب الرازي عن الأول: أن كل من أثبت القادر المختار، سلم أنه تعالى قادر على أن يخلق إنساناً آخر على صورة زيد مثلاً، ثم إن هذا التصوير لا يوجب الشك المذكور، فكذا القول فيما ذكرتم.
إيضاح الجواب والزيادة عليه:
يعترض على المقدمة بالمنع إذ باب السفسطة مفتوح لا يفتحه هذا الأمر ولا غيره فالسفسطائيون لا يمنعهم من التوهيم شيء ولا يغلق دونهم الباب، بل البديهيات مرعى السفسطائيين.
قال الجرجاني رحمه الله في التعريفات (1/ 158) السفسطة قياس مركب من الوهميات، والغرض منه تغليط الخصم وإسكاته، كقولنا الجوهر موجود في الذهن، وكل موجود في الذهن قائم بالذهن عرض، لينتج أن الجوهر عرض.
قلت: إذا كان مورد الإشكال ممن يقول بقدرة الله تعالى، فلا يخلو إما أن يقول لا يقدر أن يخلق إنسانا آخر على صورة إنسان مخلوق وهذا تناقض وكفر، أو يقول يقدر. فإن قال يقدر ولكنه خلاف مقتضى الحكمة وأنه يفضي إلى السفسطة، وعدم الأمان على المحسوسات وإبطال النبوة لأنني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانيا فحينئذ أجوز هذا الذي رأيته ثانيا ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه، مما يجعل الصحابة يجوزون أن الذي تلقوا عن الشرائع ليس النبي صلى الله عليه وسلم.
نقول جوابه:
إن ألقى الله تعالى شبه عيسى على غيره ولم يبين ذلك لعباده، ولم يوضحه لهم في كتابه فنعم.
أما وقد بين الله في كتابه تعالى، وبين رسوله عيسى عليه الصلاة والسلام أن الله سيلقي شبهه مكرا بهولاء اليهود ومن معهم فقد زال الإلباس والإشكال وبطل بالكلية، وأن الأصل عدم إلقاء الشبه، ولكنه ألقاه في حال عيسى وبينه، فوقعت الحكمة وزال الإلباس
وهذا جار على كل المعجزات كناقة صالح، ونار إبراهيم، وآيات موسى، فكلها معجزات خارجة عن العادة، وبين الله ذلك أتم البيان في كتبه وعلى ألسن رسله أتم البيان، فالتصديق بالمعجزات لا يتنافي مع الأمان بالمحسوسات فالمعجزات جارية على خلاف الأصل والسنة المستمرة الماضية.
فإن كان المناظر ممن يصدق بالأنبياء فقد أسكتناه.
وإن ممن يكذب بالنبوات فقد خرجنا عن موضع الإشكال إلى إشكال آخر ليس هذا محل جوابه.
وقد يأتي الملك في صورة رجل كما جاء جبريل وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فلا يمكن أن يدعي مدع أن الذي جاءه جبريل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خبره قطعي، والتصديق بالنبوة يفضي إلى القطع بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول يخبر بذلك وليس هناك حادثة يمكن التعويل عليها في بقاء الإلباس
والاستقراء التام حجة قاطعة والله تعالى أعلم [/ size]
¥