وللقرآن الكريم ميزة امتاز بها دون سائر الكتب السماوية والمعجزات الأخرى للنبي, وهي ان سائر المعاجز (هكذا وردت) لا تثبت شيئا إلا ان يكون معها مدعي النبوة لكي يأتي بالمعجز إذا سئل.
أما القرآن الكريم فانه يقوم بنفسه وبغياب من انزل عليه (ص) بالتحدي فيطرح بنفسه الدعوة ويتساءل عن برهانها ويثبتها بنفسه ويتحدى الناس على الإتيان بمثله ويدينهم ويبين عجزهم وهذه الخصية لا توجد في أي معجزة أخرى.
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}. البقرة 23.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ}. يونس 38.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}. هود: 13.
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء: 88.
{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.القصص: 49.
{لْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}. الطور: 33 - 34.
ان فكرة إعجاز القرآن هي فكرة غريبة عن الإسلام، إنها فكرة مستحدثة أحدثها المسلمون في أواخر القرن الثالث الهجري والقرن الرابع.
يقول ابن تيمية في كتاب الإيمان: ان تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة. وظهرت أوائله في المائة الثالثة. وما علمته موجودا في المائة الثانية. (راجع نظم القران والكتاب للأستاذ الحداد ص 5).
وقد قيل ان الجاحظ هو أول من وضع بحثا فيه. (راجع عالم المعجزات لابو موسى الحريري ص 204).
نحن لا ننكر أن القرآن والسنة قد أيدوا العلم وشجعوا العلماء ورفعوا من مكانتهم وجعلوهم ورثة الأنبياء!. الذي يخشاهم الله الماكر الشديد البطش والتكبر بحسب المصطلح القرآني!. {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فاطر: 28. (راجع: ال عمران: 54 والأنفال: 30 البروج: 12 الجاثية: 37 الحشر: 23. راجع بخصوص العلم: (بقرة: 151 وآل عمران: 7 و18 - 19 النساء: 113 و162 الأنعام: 91 و82 يونس: 39 والحج: 54 والعنكبوت: 43 وسبأ: 6 وفاطر: 19 و28 والزمر: 9 والشورى: 14 الرحمة: 1 - 2 يوسف: 76 المجادلة: 11.
عن أنس قال: قال رسول الله {طلب العلم فريضة على كل مسلم}.
وقال الحسن: قال رسول الله (إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها , وإذا عميت عليهم تحيروا).
عن أبي هريرة قال: سمعت النبي يقول: {الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم} رواه الترمذي وابن ماجه.
لكننا ننكر وبشدة بأن يكون العلم الذي شجعه ورخص به القرآن والسنة هو العلم بمعناه العلمي والواسع، كما يدعي المسلمون.
لقد فات أصحاب نظرية الإعجاز العلمي في القرآن أن العلم المنسوب للقران والمرخص به شرعا هو علم الفقه أو التفقه في الدين والمحصور في القرآن والسنة كما جاء في الحديث الصحيح: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).متفق عليه. وليس العلم بمعناه العلمي والواسع كما يزعم المنتمون للأمة الأمية. انه العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم، والمحصور في القران والسنة.
إنه علم النواهي والمحرمات،علم المذموم والمكروه والضعيف والمدسوس والحسن انه علم السنة (الحديث)!. وليس العلم بمعناه الحديث والواسع كما يدعي المنتسبون إلى الأمة الأمية.
نقول: اختلف الناس (المسلمون) في العلم الذي هو فرض على كل مسلم، فتفرقوا فيه إلى أكثر من عشرين فرقة، ولا نطيل بنقل التفصيل، ولكن حاصله: ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده، فقال المتكلمون: هو علم الكلام، إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله وصفاته.
وقال الفقهاء: هو علم الفقه إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام وما يحرم من المعاملات وما يحل.
وقال المفسرون المحدثون هو علم الكتاب والسنة، إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها والذي ينبغي ان يقطع به المحصل ولا يستريب فيه هو ان العلم ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة، وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة.
¥