والمعاملة التي كلف العبد العاقل بها ثلاثة: اعتقاد، وفعل، وترك؛ فإذا بلغ الرجل العاقل باحتلام أو السن ضحوة نهار مثلا فأول واجب عليه تعلم كلمتي الشهادة ومنهما وهو قول: لا اله إلا الله، محمد رسول الله، وليس يجب عليه ان يحصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث وتحرير الأدلة، بل يكفيه ان يصدق به ويعتقده جزما من غير اختلاج ريب واضطراب نفس، وذلك قد يحصل بمجرد التقليد والسمع من غير بحث ولا برهان؛ إذ اكتفى النبي من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل. (إحياء علوم الدين 1/ 14. (
من هنا وحرصاً على مصلحة المسلمين وخوفاً على إيمانهم القويم ودينهم العظيم،
" فإن الخوض في علم لا يستفاد الخائض منه فائدة هو مذموم ... والخوض فيه حرام. لهذا يجب كف الناس -أي المسلمين- عن البحث وردهم إلى ما نطق به الشرع". (أحياء علوم الدين 1/ 3)
عن جماعة منهم حبيب بن أبي ثابت وسماك بن حرب وقال يزيد بن هارون: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يردنا إلا إلى الله.
وعن ابن المبارك قال: ما من شيء أفضل من طلب العلم لله وما من شيء أبغض إلى الله من طلب العلم لغير الله.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة} ورواه أبو داود.
عن ابن عمر مرفوعا {من تعلم علما لغير الله , أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار} رواه الترمذي.
وعن جابر مرفوعا {لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا لتحدثوا به في المجالس , فمن فعل ذلك فالنار النار} رواه جماعة منهم البيهقي , وانفرد به ابن ماجه عن الكتب الستة فرواه محمد بن يحيى عن سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر.
وعن كعب بن مالك مرفوعا {من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار} رواه الترمذي.
وفي مسلم عن أبي هريرة مرفوعا حديث {الثلاثة الذين يؤمر بهم إلى النار وهم المجاهد المرائي ليقال إنه جريء , والمنفق المباهي ليقال إنه جواد , والرجل الذي يقول تعلمت العلم وقرأت القرآن , فيقول الله كذبت إنما أردت أن يقال فلان جريء وفلان قارئ وقد قيل, ثم يسحب على وجهه حتى يلقى في النار.
وعن زيد بن أرقم مرفوعا كان يقول: {اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع , وقلب لا يخشع , ونفس لا تشبع , ودعوة لا يستجاب لها} ورواه أبو داود.
عن أبي بردة مرفوعا: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ماذا عمل به , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه}؟ إسناده جيد.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه.
عن أبي موسى الأشعري مرفوعا يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء: إني أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم , انطلقوا فقد غفرت لكم وقال: يقول الله عز وجل: لا تحقروا عبدا آتيته علما فإني لم أحقره حين علمته.
وفي الصحيحين عن معاوية مرفوعا: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
وعن عمر مرفوعا {إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين}.
وعن أبي هريرة مرفوعا {من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة} رواهما مسلم.
وعن أبي أمامة مرفوعا: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم, إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. رواه الترمذي.
وعن أبي الدرداء مرفوعا {إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء , وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر} رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. راجع باب العلم في جميع كتب الحديث.
عن ابن سيرين قال: العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم؟ ذكره مسلم.
¥