فلا يقصد به مطلق السامع كالمجنون وغيره, كما لا يقصد به فئة ممتازة من السامعين كالنوابغ وغيرهم. لنقل ان فهم السامع المتكلم المثالي هو ما نعبر عنه بقولنا "ما يفهمه العربي من الكلام العربي".
-يلزم مما سبق ألا يكون "الظاهر" -من حيث هو ظاهر- مختلفا فيه. فالاختلاف في الظهور دليل على انه ليس كذلك. فالظهور يفرض نفسه على كل واحد بغض النظر عن المذهب والاصول المعتبرة. وعلماؤنا ما كانوا يقولون فى مناظراتهم "هذا الظاهر ليس ظاهرا .... " بل يقولون" ليس مرادا" مع الاعتراف بكونه ظاهرا.
-اخيرا نلاحظ أمرا ذا بال- وقع فيه المردودعليه كما سننبه عليه فى موضعه- وهو"أن المستنبط من الظاهر ليس ظاهرا": فاللطائف المستنبطة تكون خفية لاتظهر للسامع بنفس السمع. بل تظهر باعمال الذهن والتوسل بقرائن خارجية وهذا يتعارض مع مفهوم" الظاهر".
غير ان المردود عليه "عبث" بمفهوم الظاهر فاستعمله اتفاقا وأحيانا بطريقة نشهد معها انقلاب الجنس الى ضده - وهو تجديف فى العقل عند المتكلمين-
قال فى المقدمة التي نصح قراءه بقراءتها:
وحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من قال بالقرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار"، و"من قال بالقرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار", فهما حديثان ضعيفان, والراسخون في العلم لا يحتجون بالضعيف. وإن صحا فإنما يراد منهما شيء آخر, اُسيء فهم الحديث فيه, ويتناقله من يتناقله بفهم مغلوط وبشيء من الهوى، فيكفّرون الناس ويدخلونهم النار بما لم يصح ولم يثبت عن النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام.
نترك مسالة الصحة والضعف جانبا. ونفترض مع المردود عليه (وإن صحا فإنما يراد منهما شيء آخر.) لكن ما هذا المراد الذي لم يفهم على وجهه وكفر بسببه الناس؟
يجيب:
(وأما من قال بالقرآن برأيه، فظاهر الحديث، أن يقول بهواه ما يخالف ظاهر القرآن ونص رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما لا تحتمله لغة العرب, وما ليس عنده فيه بينة ولا برهان، مستخفاً ابتداء بالكتاب ملحداً فيه، فهذا لا جرم يتبوء مقعده من النار، فالصواب هدى، فمن أين له بعد إلحاده بالهدى والصواب؟. هذا إن صح الحديث أصلاً.)
كل هذا يسميه المردود عليه "ظاهرا".ومع "ظهوره" فقد خفي على الناس!!!. (وهذا الذي نعتناه بانقلاب الاجناس). فأين- أيها المنصفون- فى ظاهرحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "الاستخفاف"؟ وأين فيه "الالحاد"؟ وأين فى ظاهر قوله" وما لا تحتمله لغة العرب"؟ وأين فى ظاهر الحديث شرط عدم مخالفة ظاهر القرآن؟
وهل علينا التذكيرفى كل حين بتعريف الأئمة:
(الظاهر: ما يعرف المراد منه بنفس السماع من غير تأمل)
(الظاهر: ما ظهر للسامع بنفس السمع).
نحن لا نحجر واسعا فلا نمنع المردود عليه ولا غيره أن يفهم من الكلام ما يشاء أو أن يحمله على ما يشتهي .. له ذلك وأكثر منه, لكن ينبغي التقيد بضوابط واصطلاح الناس -فهو يخاطب الناس- لكي لا يقع التلبيس علىالناس. ولا يقال بهذا الصدد "لا مشاحة فى الاصطلاح" لأننا نقول ان اصطلاح "الظاهر" لم يات عرضا فى كتاباته بل هو العمود الفقري لمنهجه وهو يرد على علمائنا من منطلق"الظاهر"الذي لم يظهر لهم .... او ظهر لهم لكنهم طووه لحاجات فى نفس يعقوب-في نفس عمران؟ -.وتوحد الاصطلاح واجب فى هذا المقلم كما لا يخفى.
ومن عجيب حال المردود عليه اتهام غيره بالحياد عن "الظاهر" -مع أخذهم به- وزعمه لنفسه التمسك بالظاهر-مع توغلها فى الباطن- ففي الحديث الذي استشهد به- تبرعا- "من قال بالقرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار".فالظاهر-الحق-من الحديث منع القول بالرأي مطلقا فى القرآن لا يستثنى من ذلك رأي صواب أو حسن ولا موافق للشرع أو مخالف له. وأهل العلم الذين حملوا الرأي المتوعد عليه على الهوى إنما استندوا الى ادلة أخرى مع إعمال للفكر والاجتهاد. فحق لهم ان يقولوا "الحديث ليس على ظاهره فى الاطلاق والعموم".
لكن المردود عليه يعجبه الرأي يراه فلا يرضى إلا أن يكون هو ظاهر القرآن أو الأقرب الي الظاهر. نذكر -من بين أمثلة عديدة جدا- فهمه "للمنسأة"في قصة سليمان عليه السلام. قال-هداه الله-:
(باختصار ..
¥