ثالثًا- جاء في لسان العرب مادة (نسأ):” نسأت المرأة تنسأ نسأً: تأخر حيضها عن وقته، وبدأ حملها، فهي نَسْءٌ، ونَسِيءٌ، والجمع: أنساء و نسوء. وقد يقال: نساء نسء على الصفة بالمصدر. يقال للمرأة أول ما تحمل: قد نسأت.
ونسأ الشيء ينسؤه نسأ، وأنسأه: أخره .. والاسم: النسيئة، والنسيء. ونسأ في أجله، وأنسأ أجله: أخَّره. وحكى ابن دريد: مدَّ له في الأجل: أنسأه فيه. قال ابن سيده: ولا أدري كيف هذا؟ والاسم: النساء. وأنسأه الله أجله، ونسأه في أجله بمعنى. وفي الصحاح: ونسأ في أجله بمعنى.
وفي الحديث عن أنس بن مالك:” من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ في أجله، فليصل رحمه “.
النَّسْءُ: التأخير، يكون في العمر والدين. وقوله: ينسأ. أي: يؤخر، ومنه الحديث:” صلة الرحم مثراة في المال مَنْسَأة في الأثر “. وهي مَفْعَلَة، منه. أي: مظنَّة له، وموضع.
وفي حديث ابن عوف:” وكان قد أنسِىء له في العمر “. وفي الحديث:” لا تستنسئوا الشيطان“. أي: إذا أردتم عملاً صالحًا، فلا تؤخروه إلى غد، ولا تستمهلوا الشيطان. يريد: أن ذلك مهلة مسولة من الشيطان.
والنسأة بالضم مثل الكلأة: التأخير. وقال فقيه العرب:” من سره النساء، ولا نساء، فليخفف الرداء، وليباكر الغداء، وليقلَّ غشيان النساء “. وفي نسخة:” وليؤخر غشيان النساء “. أي:
تأخر العمر والبقاء.
وقرأ أبو عمرو: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}. المعنى: ما ننسخ لك من اللوح المحفوظ، أو ننسأها: نؤخرها، ولا ننزلها. وقال أبو العباس: التأويل: أنه نسخها بغيرها، وأقر خطها. وهذا عندهم الأكثر والأجود.
ونسأ الشيء نسأً: باعه بتأخير، والاسم: النسيئة. تقول: نسأته البيع، وأنسأته، وبعته بنسأة، وبعته بكلأة، وبعته بنسيئة. أي: بأخرة. والنسيء: شهر كانت العرب تؤخره في الجاهلية، فنهى عز وجل عنه. وقوله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال الفراء: النسيء: المصدر، ويكون المنسوء مثل: قتيل ومقتول. والنسيء: فعيل بمعنى مفعول، من قولك: نسأت الشيء، فهو منسوء، إذا أخرته، ثم يحول منسوء إلى نسيء؛ كما يحول مقتول إلى قتيل.
ورجل ناسىءٌ، وقوم نسأة، مثل: فاسق وفسقة؛ وذلك أن العرب كانوا إذا صدروا عن منى يقوم رجل منهم من كنانة، فيقول: أنا الذي لا أعاب ولا أجاب، ولا يرد لي قضاء، فيقولون: صدقت، أنسئنا شهرًا. أي: أخِّر عنا حرمة المحرم، واجعلها في صفر، وأحل المحرم؛ لأنهم كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر حُرُم، ولا يغيرون فيها؛ لأن معاشهم كان من الغارة، فيحل لهم المحرم؛ فذلك الإنساء.
قال أبو مصنور: النسيء في قوله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر} بمعنى: الإنساء، اسمٌ وضِع موضِع المصدر الحقيقي، من أنسأت. وقد قال بعضهم: نسأت في هذا الموضع، بمعنى: أنسأت.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما:” كانت النسأة في كندة “. النُّسأة، بالضم وسكون السين، النسيء، الذي ذكره الله في كتابه من تأخير الشهور بعضها إلى بعض.
وانتسأت عنه: تأخرت، وتباعدت. وكذلك الإبل إذا تباعدت في المرعى. ويقال: إن لي عنك لمنتسأ. أي: منتأى، وسعة، وأنسأه الدين والبيع: أخرَّه به. أي: جعله مؤخرًا؛ كأنه جعله له بأخرة. واسم ذلك الدين: النسيئة.
وفي الحديث:” إنما الربا في النسيئة “ هي البيع إلى أجل معلوم. يريد: أن بيع الربويات بالتأخير من غير تقابض هو الربا، وإن كان بغير زيادة. قال ابن الأثير: وهذا مذهب ابن عباس، وكان يرى بيع الربويات متفاضلة مع التقابض جائزًا، وأن الربا مخصوص بالنسيئة. واستنسأه: سأله أن ينسئه دينه.
ونسأت عنه دينه: أخرته نَساءً بالمد. وكذلك النَّساء في العمر ممدود. وإذا أخرت الرجل بدينه قلت: أنسأته، فإذا زدت في الأجل زيادة، يقع عليها تأخير، قلت: قد نسأت في أيامك، ونسأت في أجلك. وكذلك تقول للرجل: نسأ الله في أجلك؛ لأن الأجل مزيد فيه؛ ولذلك قيل للبن: النسيء، لزيادة الماء فيه. وكذلك قيل: نسئت المرأة، إذا حبلت. جعلت زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللبن. ويقال للناقة: نسأتها. أي: زجرتها ليزداد سيرها.
ونسأ الإبل نسأ: زاد في وردها وأخرها عن وقته، ونسأها: دفعها في السير وساقها. ونسأت في ظمأ الإبل، أنسؤها نَسأً، إذا زدت في ظمئها يومًا، أو يومين، أو أكثر من ذلك. ونسأتها أيضا عن الحوض، إذا أخرتها عنه.
و المِنُسَأة: العصا، يهمز، ولا يهمز، ينسأ بها. وأبدلوا إبدالا كليا، فقالوا: مِنْسَاة، وأصلها الهمز؛ ولكنها بدل لازم، حكاه سيبويه. وقد قرىء بهما جميعًا. قال الفراء في قوله عز وجل: {تأكل مِنْسأته} هي العصا العظيمة، التي تكون مع الراعي. يقال لها: المِنْسَأة، أخذت من نسأت البعير. أي: زجرته ليزداد سيره.
ونَسَأ الدابة والناقة والإبل، ينسؤها نَسَأً: زجرها وساقها. ونسأت الدابة والماشية تنسأ نَسَأً: سمنت. وقيل: هو بدء سمنها حين ينبت وبرها بعد تساقطه. يقال: جرى النَّسْءُ في الدواب، يعني: السمن. والنَّسْءُ، بالهمز، والنسيء: اللبن الرقيق الكثير الماء. وفي التهذيب: الممذوق بالماء، ونسأته نسأ، ونسأته له، ونسأته إياه: خلطته.
¥