{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (68) سورة المائدة
ليست معارضة للآيات الدالة على وقوع التحريف من أهل الكتاب
كقوله تعالى
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (46) سورة النساء
وقوله سبحانه
{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (13) سورة المائدة
وقوله تعالى
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) سورة المائدة
فعلى قول جمهور المسلمين بوقوع التبديل في بعض ألفاظها فإن الآيات الدالة على الأمر بالتصديق بالكتب السابقة لا يشك عاقل أن المراد بها ا لتوراة والإنجيل الذان يستحقان هذا الاسم أي قبل وقوع هذا التحريف على فرض وقوعه فمثلا لو أن الرئيس بلير أشار إلى الدستور البريطاني في كلمته في مجلس العموم، وهناك نسخة محرفة من الدستور، لم يقل عاقل إن بلير أراد بالدستور الذي أشار إليه النسخة المحرفة ولله المثل الأعلى
فالتوراة والإنجيل هي التي أنزلها الله على رسله ولا تسمى المحرفة توراة ولا إنجيلا، والإيمان بها لا يستلزم العمل بالشرائع المنسوخة فيها فإن الإيمان بنوح وإبراهيم لا يلزم منه الإيمان بتفاصيل شرائعهما التي نسخت بعدهما ولا يستلزم النسخ أن القائل به كافر بهما كما زعمه بعض المسفسطين الملبسين.
فتصير الآيات متوافقة على هذا التفسير ويصير التحريف المراد في كتاب الله على هذا القول التحريف اللفظي والمعنوي
وأما القائلون بعدم وقوع التحريف في الألفاظ فلا يستدلون بما استدلت به النصارى ولكنهم يستدلون بعدم وجود الدليل من القرآن على التحريف وأما قوله تعالى يحرفون الكلم عن مواضعه فتفسيرها تبديل أحكامه ومعانيه وهذا معلوم في كتب التفسير
وعلى كل حال
فااختلاف علماء المسلمين في هذه القضية اختلاف لا يضر بالعقيدة بل هو من جنس الاختلاف الفكري والتاريخي في حادثة معينة هل وقعت أم لا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
الجواب الصحيح ج: 2 ص: 447
قد قدمنا أن المسلمين لا يدعون أن كل نسخة في العالم من زمن محمد بكل لسان من التوراة والإنجيل والزبور بدلت ألفاظها فإن هذا لا أعرف أحدا من السلف قاله وإن كان من المتأخرين من قد يقول ذلك كما في بعض المتأخرين من يجوز الاستنجاء بكل ما في العالم من نسخ التوراة والإنجيل فليست هذه الأقوال ونحوها من أقوال سلف الأمة وأئمتها وعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى بيد كعب الأحبار نسخة من التوراة قال يا كعب إن كنت تعلم أن هذه هي التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها فعلق الأمر
¥