تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (71) سورة آل عمران

فمن المسلمين من قال بأن التحريف لم يقع في ألفاظ شئ من الكتب السابقة

ومنهم من قال وقع التحريف في بعضها دون البعض وهم جمهور المسلمين

وبعضهم يقول بل وقع التحريف في أكثرها أو كلها وهو قول أقل العلماء

ولم يقل أحد من المسلمين بوقوع التحريف في كل نسخة من التوراة والإنجيل

وبهذا يتبين أن هذه المسألة ليست من جنس المسائل التي يحصل التناظر فيها بين المسلمين والنصارى ولا يليق بالباحث عن الحق من النصارى أن يشغل نفسه بالبحث في قضية خلافيةبين المسلمين أنفسهم وهي قضية لم ير المسلمون أي حرج على أي واحد منهم اختار أي قول فيها بالأدلة وهو على دين النصارى، بل المنطق يفرض عليه التأمل في الأصول التي تبين له الحق من الأديان ثم بعد أن يختار الدين الحق يمكنه ترجيح القول الأقرب إلى الصواب من بين أقوال أهل الدين الواحد والملة الوحدة بعد أن يطمئن بأنه اختار الحق والهدى الذي ينجيه عند ربه تعالى،

فهذه المسألة من المسائل التي وقع الخلاف فيها بين المسلمين ولا يترتب على اختيار قول فيها ثمرة في العمل والاعتقاد، ولم ينصوا عليها في كتب العقائد ومختصرات ما ينبغي اعتقاده

والقائلون بعدم وقوع التحريف لو جئ لهم بنسخة من النسخ فيها الشرك بالله تعالى أو القول بألوهية عيسى عليه السلام أو بخبر يخالف القرآن فإنهم يقطعون جزما بأنها محرفة وليست من التوراة أو الإنجيل وذلك لوجود الدليل القطعي الجازم في القرآن بكذب ما في تلك النسخة، والنقل القاطع في الكتاب أن موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام دعيا إلى التوحيد والإيمان وكذا التوراة والأنجيل كان فيهما الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله ورسله وقيام الدليل القطعي على استحالة التناقض في كلام الله أو في أخبار رسله عليهم الصلاة والسلام فيصير قولهم راجع إلى القولين الآخرين ومن لم يقل بذلك منهم لم يكن مسلما

بل لوجئ للنصراني بنسخة من الإنجيل فيها أن عيسىعليه الصلاة والسلام كان قبل موسى مثلا لحكموا ببطلان هذه النسخة.

ولو جئ بنسخة توافق القرآن في الأخبار والاعتقاد للقائلين بالتحريف اللفظي لم يستطيعوا الجزم بوقوع التحريف في ألفاظهما وذلك لعدم الدليل النقلي قطعي الدلالة من القرآن وعدم القدرة على إقامة الدليل على الدعوى من الواقع.

وخلاصة القول أن القائلين بالتحريف لا يمكنهم الجزم بذلك إلا بدليل قطعي

والقائلين بعدم التحريف لا يمكنهم الجزم بعدمه إلا بدليل قطعي

ولا يمكن ذلك في الواقع فصار القرآن هو الحاكم والمهيمن و الشاهد على وقوع التحريف أو عدمه،

والقرآن ليس فيه ما يقطع دلالة بوقوع التحريف في الألفاظ في جميع نسخ التوراة والأنجيل، ولكن ما جاء في القرآن من الأخبار والاعتقاد في الله وفي اليوم الأخر والرسل إن وجد في بعض النسخ ما يخالف القرآن دل على انتحال تلك النسخ وتبديلها وقلنا بأن القرآن دل دلالة قاطعة على تحريف تلك النسخة وتبديلها جزما

وإن وافقت القرآن لم يكن ذلك دليلا على عدم وقوع التبديل فيها أيضا، إذ ربما يوافق الناس أخبار القرآن وما فيه بكلامهم مما ليس من كلام الانبياء وليس من الوحي المنزل عليهم، فيحتاجون إلى إثبات ذلك من طريق أخرى

وأما الشبه التي يلقيها بعض النصارى من وقوع التناقض في القرآن في هذه القضية فهو غلط بين حملهم عليه الهوى وقلة النظر والتأمل أو الرغبة في السفسطة والتلبيس

فإن الآيات الدالة على الأمر بالإيمان بالتوراة والإنجيل وإقامته وتصديقها واتباع ما جاء فيها كقوله تعالى

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (93) سورة آل عمران

وقوله تعالى

{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (43) سورة المائدة

وقوله تعالى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير