وبعضها منقول عن الحواريين وكثير منها مما ابتدعوه ليست منقولة عن أحد من الأنبياء ولا عن الحواريين وهم يجوزون لأكابر أهل العلم والدين أن يغيروا ما رأوه من الشرائع ويضعوا شرعا جديدا فلهذا كان أكثر شرعهم مبتدعا لم ينزل به كتاب ولا شرعه نبي
فصل وأما قولهم كيف يمكن تغيير كتبنا التي هي مكتوبة باثنين وسبعين لسانا وفي كل لسان منها كذا وكذا ألف مصحف ومضى عليها إلى مجيء محمد أكثر من ستمائة سنة فيقال أما بعد انتشارها هذا الانتشار فلم يقل المسلمون بل ولا طائفة معروفه منهم أن ألفاظ جميع كل نسخة في العالم غيرت لكن جمهور المسلمين الذين يقولون إن في ألفاظها ما غير إنما يدعون تغيير بعض ألفاظها قبل المبعث أو تغيير بعض النسخ بعد المبعث لا تغيير جميع النسخ فيعض الناس يقول إن ذلك التغيير وقع في أول الأمر ويقول بعضهم إن منها ما غير بعد مبعث محمد ولا يقولون إنه غير كل نسخة في العالم بل يقولون غير بعض النسخ دون البعض وظهر عند كثير من الناس النسخ المبدلة دون التي لم تبدل والنسخ التي لم تبدل هي موجودة عند بعض الناس ومعلوم أن هذا لا يمكن نفيه فإنه لا يمكن أحدا أن يعلم أن كل نسخة في العالم بكل لسان مطابق لفظها سائر النسخ بسائر الألسنة إلا من أحاط علما بذلك وهم قد سلموا أن أحدا لا يمكنه ذلك إلخ كلامه رحمه الله.
وأما دعوى أن ابن حزم أول من قال بالتحريف في التوراة والإنجيل فهذا غلط عليه ويدل على ذلك،
ما جاء في سنن النسائي كتاب آداب القضاة باب تأويل قول الله عز وجل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. الحديث رقم 5400 وهو (صحيح الإسناد موقوف)
أخبرنا الحسين بن حريث قال أنبأنا الفضل بن موسى عن سفيان بن سعيد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: كانت ملوك بعد عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم بدلوا التوراة والإنجيل وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة قيل لملوكهم.
ومعلوم أن ابن عباس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وأما الطبري فقد جاء في تفسيره
القول في تأويل قوله تعالى قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل هما سحران تظاهرا ائتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما لطريق الحق ولسبيل الرشاد أتبعه إن كنتم صادقين في زعمكم أن هذين الكتابين سحران وأن الحق في غيرهما
وقال رحمه الله تعالى (1/ 378)
القول في تأويل قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا يعني بذلك الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة جهال بما في كتب الله لطلب عرض من الدنيا خسيس فقال الله لهم فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره (الجزء الثالث، ص323)
القول في تأويل قوله تعالى وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك جل ثناؤه وإن من أهل الكتاب وهم اليهود الذين كانوا حوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده من بني إسرائيل والهاء والميم في قوله منهم عائدة على أهل الكتاب الذين ذكرهم في قوله ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك وقوله لفريقا يعني جماعة يلوون يعني يحرفون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب يعني لتظنوا أن الذي يحرفونه لكلامهم من كتاب الله وتنزيله يقول الله عز وجل وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فحرفوه وأحدثوه من كتاب الله ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله من عند الله يقول مما أنزله الله على أنبيائه وما هو من عند الله يقول وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه ولكنه مما أحدثوه من قبل أنفسهم افتراء على الله يقول عز وجل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك أنهم يتعمدون قيل الكذب على الله والشهادة عليه بالباطل والإلحاق بكتاب الله ما ليس
¥