منه طلبا للرياسة والخسيس من حطام الدنيا وبنحو ما قلنا في معنى يلوون ألسنتهم بالكتاب قال أهل التأويل
وأما نقلهم ذلك عن البخاري رحمه الله وأنه نقل ذلك عن ابن عباس وأقره ولم يرده عليه فهذا يرده ماسبق من إثبات السند إلى ابن عباس بوقوع التحريف
وأما ما في صحيح البخاري برقم 6929 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم أخبرنا بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن بن عباس رضي الله عنهما قال كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرؤونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند لله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم
ويقول النصارى:
ويؤمن المسلمون بالتوراة والإنجيل بالرغم من ان القرآن يتهمها بالتحريف والضياع فهل ينفع المسلمين الأيمان بكتاب محرف بكتاب او غير موجود فماذا يفيد هذا الإيمان أهو إيمان بكتاب محرف فهو طلب قريب إلى الكفر أكثر منه إلى الإيمان فالإيمان بكتاب غير موجود هو أقرب إلى الضلال من الهدى
وهذا كما يلحظ كل عاقل أنه من السفسطة العجيبة، والتلبيس الماكر،
وهو مبنى على التوهيم والتغليط والمكر
فيقولون المقدمة الأولى
المسلمون يؤمنون بالتوراة والأنجيل
المقدمة الثانية
المسلمون يعتقدون تحريف التوراة والإنجيل
النتيجة
إذا يجب أن يكفر المسلمون بالتوراة والإنجيل لأنهم يعتقدون وقوع التحريف فيها
وكان الواجب أن تكون النتيجة المنطقية الصحيحة
المؤمنون المسلمون يؤمنون بالتوراة والإنجيل التي تستحق هذا الاسم وهما ما لم يلحقه التحريف، فإذا وقع التحريف لم يعتقدوا أن هذا المحرف توراة ولا إنجيلا مع إيمانهم بنزول هذه الكتب وتضمنها للحق والهدى.
وهذا يقع كثيرا في جدلهم من فلسفة السوفسطائيين التي تقوم علىتغليط المناظرين بمثل هذه الأوهام التي بين الله أنها طريقتهم في الجدل.
ويقول النصارى
"إن كان الإيمان المقصود هو الإيمان بالإنجيل الذي بين أيدينا وهو الإنجيل الحقيقي فلم يعرف العالم غير هذا الإنجيل إن كان هذا هو المقصود بالإيمان فهذا يعني بصراحة ترك الإسلام واتباع المسيح لأن الإنجيل غايته الاولى والأخيرة هي المسيح"
فانظر غاية التلبيس ببناء النتائج على المقدمات
إذ كيف يلزم المخالفين له والمدعين بتحريف الإنجيل بأن العالم لم يعرف غير هذا الإنجيل أم أن المخالفين له ليسوا من العالم
ولو افترضنا جدلا أن الإنجيل لم يحرف فهل النتيجة صحيحة
وهل الإيمان بنبي من الأنبياء يستلزم الكفر بغيره م الأنبياء
فإذا كان المسلمون يؤمنون بالإنجيل فهل يلزمهم الكفر بالنبي صلى الله عليه وهل في الإنجيل وجوب الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم كما يقول يعني بصراحة ترك الإسلام واتباع الإنجيل
وبهذا يتبين لكل عاقل أن هذا المنهج في المناظرة من أبعد ما يكون عن منهج العقل والعدل والحق ولذا سمى الله أمة من الأمم بالضالين لوقوعهم في الضلال العقلي والنقلي معا
ويقول النصراني
ماذا ينفع هذا ألم يطلب القرآن من المسلمين الإيمان والعمل فلماذا لا تطبق هذه القاعدة عندما يقول المسلمين أننا نؤمن بالإنجيل، الإيمان دون عمل لا فائدة منه. إذن الإيمان بالكتاب أو عدم الإيمان به لا يعني شيئاً بل أن هذا لا يسمى إيماناً بكتاب وهمي
وهذا من وجوه التغليط المتكاثرة
فإن دعواهم أن إيماننا بالإنجيل لا يكون معه العمل مبنى على جهلهم بالإيمان وتصوره فإن الإيمان قول وعمل وأنه عمل القلوب والأركان ونحن نؤمن بالتوراة والإنجيل ويترتب عليها أعظم الأعمال وهي أعمال القلوب من محبة الأنبياء موسى وعيسى عليها الصلاة والسلام وتوليهما والاعتقاد بأنهما من الرسل ومحبة التوراة والأنجيل، والإيمان بكل ما أقره القرآن منهما وما بين الله لنا في الكتاب أنه فيهما فالمسلمون هم العاملون حقيقة بالتوراة والإنجيل القائمون بأمر الله فيها، إذا الشرائع كلها دعت إلى الحق والهدى وتواترت على ذلك فالمسلمون هم أولى الناس بإبراهيم وموسى وعيسى من كل مدع
فالتوحيد الذي هو أعظم ما في التوراة والإنجيل لا يقيمه الإ المسلمون على ما يرضي الله تعالى، والإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر هو أوضح ما يكون عند المسلمين، والقيام بالأخلاق الحميدة والخصال الكريمة هي صفات المسلم التي دعا الله إليها في القرآن ودعا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام
القائلون بالتحريف اللفظي: الشوكاني رحمه الله (1/ 541) في فتح القدير والآلوسي في روح المعاني (1/ 181)