تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العلمي المتأخر، وذلك أنه يستحيل عادة في ذلك الزمان أي زمان الوحي إدراك هذه الحقيقة بالوسائل البشرية المتاحة، ويستحيل في كل زمان أن يدركها رجل أمي – صلى الله عليه وسلم – لم يتعاط وسائل العلوم ومقدماتها الضرورية في كل زمان للوصول إلى نتائج معينة. أما العنصر الثالث فهو الاكتشاف المتأخر لهذه الحقيقة. ولكن يجب أن يضبط ذلك بضوابط من شأنها أن تحدد الإطار الشرعي للتعامل مع هذا الموضوع حتى لا تتفرق السبل ويتنكب عن الجادة ويصبح موضوع الإعجاز فوضى لا توصف بالخطأ الاجتهادي، بل يجب أن توصم بالخطر الذي يصل إلى الافتراء والقول في كتاب الله بلا علم والوقوع تحت طائلة الوعيد: (من قال في كتاب الله بغير علم فهو مخطئ ولو كان مصيباً) -الضابط الأول: أن يكون معنى اللفظ الوارد في الكتاب والسنة والذي يقصد مطابقته للحقيقة العلمية مفسراً بتفسير نبوي عنه – عليه الصلاة والسلام – أو مفسراً من قبل صحابي كتفسير ابن عباس – رضي الله عنه – (للرتق) في قوله تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً) بكونها ملتصقتين فقد قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة: يعني أنها كانت شيئاً واحداً ملتزقتين) القرطبي. -والكيفية التي كان عليها الجسم المرتوق قبل الفتق غير معروفة على سبيل التأكيد، إلا أن بعض قصص التراث تروي شيئاً قد لا يكون بعيداُ عما تصوره القائلون بنظرية الانفجار الكبير التي ترى أن جسيما متناهيا في الصغر من الطاقة الخالصة ذا كثافة وحرارة هائلة انفجرت فتناثرت أجزاؤه في شتى الاتجاهات في شكل سحب) وقد عاد العلماء إلى هذه النظرية استناداً إلى معلومات القمر الصناعي أمريكي في أبريل 1992 م، أما القصة التي ذكرها العلامة الشيخ سيدي المختار الكنتي الشنقيطي من علماء القرن 12 الهجري في شرحه لمقصود وممدود ابن مالك، فنقول: إن أول شيء خلقه الله تعالى الذرة فجعلت تسيح ألف ألف عام حيث لا أرض ولا سماء .. فلما أراد ظهور الأكوان نظر إليها بعين الجلال فتصدعت فانبجست منها العناصر الخمسة وهي الماء والريح والنور والظلمة والنار). الضابط الثاني: في غياب تفسير نبوي أو تفسير صحابي؛ فالضابط أن يكون التفسير بمقتضيات اللغة العربية بأن يكون إطلاق اللفظ على المعنى من قبيل الحقيقة (وهي استعمال اللفظ فيما وضعت له العرب وضعاً) ويتصور ذلك في مرتبتين: مرتبة (المفسر) عند الأحناف وهو النص عند الجمهور لأنه لفظ لا يدل على معنى واحد لا يقبل التأويل. مرتبة الظاهر: لفظ احتمل أكثر من معنى إلا أنه أظهر في أحد معانيه أن يكون اللفظ حقيقة عرفية أو شرعية. إذا لم يكن اللفظ نصاً ولا ظاهراً حقيقة بأي معنى من المعاني فإن عدل عن الحقيقة إلى المجاز وعن الظاهر إلى المعنى المرجوح فإن الأمر سيكون من قبيل التأويل الذي يجب أن ينضبط بضوابط التأويل التي تقتضي وجود قرينة من نص آخر أو قياس مع احتمال اللفظ للمعنى المرجوح احتمالاً لغوياً لا غبار عليه، وقد تكون الحقيقة العلمية إذا كانت أكيدة فـ (خضراً) في قوله تعالى: (فأخرجنا منه خضراً) هو الشيء الأخضر هذا ظاهره إلا أنه حمله على اليخضور بالمصطلح العلمي أمر سهل لاحتمال اللفظ احتمالاً لا غبار عليه وتأكيد الحقيقة العلمية. إلا أن الشيء الذي يجب الانتباه إليه أن التفسير العلمي قد يكون موافقاً للحقيقة الوضعية لكنه يقابل مجازاً درج المفسرون عليه مما يقتضي من الباحث التقصي عن عدم وجود تفسير نبوي ولا صحابي، فإن اطمأن إلى ذلك أمكن حمل اللفظ على حقيقته والوضعية وبالتالي الالتقاء بين الحقيقة العلمية والحقيقة القرآنية كما في آية: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) إذا صحت الحقيقة التي وصل العالمان الأمريكيان فولر وزميله في الحديد. فيكون الإنزال على حقيقته يوضح ذلك حديث: (إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد والنار والماء والملح) عن القرطبي في تفسيره. وقد فسر أكثر المفسرين (الإنزال) بأنه استعارة لخلق معدن الحديد كما هي عبارة صاحب التحرير والتنوير. هذه هي الضوابط التي يجب على كل باحث أن يضعها في حسابه وهو يحاول أن يتعامل مع الإعجاز العلمي في القرآن. ومع هذا فلا حجر في التعامل مع الإشارات القرآنية والحديثية بشرط عدم الإخلال بالنص وعدم الخروج عليه فمن القواعد المقررة عند الأصوليين أن الإشارة لا يعتد بها إذا خالفت النص، والحقيقة أن مخالفتها للنص دليل على عدم وجود إشارة. كما يمكن للباحثين أن يجعلوا بحوثهم تدور حول بعض القضايا العامة في خلق الكون كقانون الزوجية الذي تكرر التصريح به في أكثر من آية في الإنسان والأنعام: (جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) سورة الشورى –11 - كذلك فإن الزوجية وردت في النبات: (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) سورة ق – 7. إلا أن الزوجية جاءت في صيغة العموم والشمول في خلق الكون: (والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون*والأرض فرشناها فنعم الماهدون* ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون*ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين*ولا تجعلوا مع الله إلهاً ءاخر إني لكم منه نذير مبين) الذاريات 47 –50 إن الزوجية من خصائص المخلوقات ودليل الاحتياج والافتقار، والوحدانية والفردانية من خصوصيات الخالق وذلك ما يشير إليه التقابل في سورة الشورى والذاريات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير