تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ورغم كل محاولات التشويه المتعمدة؛ إلا أن الشعوب الغربية بدأت تعرف الحقيقة المجردة، ويذكر المركز الإسلامي في بروكسل أن الزيادة الهائلة في عدد معتنقي الإسلام كان من أسبابها أن الناس قد اكتشفوا أن حقيقة الإسلام المشرقة تخالف تلك الصورة التي رسمها الإعلام وغيره لهم تمام المخالفة

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[19 Feb 2009, 04:12 م]ـ

كتبت التعليق السابق واستعنت برواية ترجمة سلمان للفاتحة بالفارسية وكنت أراها في حينها رواية معقولة مقبولة ولكن توقفت فيها، ورأيت أن توثيقها من الضرورة بمكان كما طالب أخونا مرهف سقا

وهذه الرواية قد ترتب عليها عدة أمور كما سيأتي.

وقد جاءت تلك الرواية التي تروى عن ترجمة سلمان بهذا اللفظ "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرأون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم".

وقيل إن الإمام أبا حنيفة قد جوّز قراءة القرآن بها - استنادا على ذلك- سواء كان ذلك عن عجز عن العربية أم لا؛ إذ أن المقصود عند أبي حنيفة هو الذكر وذلك حاصل بكل لسان، وقيل أيضا إن الله تعالى قال: "وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ" و قال "إن هذا لفي الصحف الأولى " وقد كان ذلك بلسانهم لا بالعربية ولو آمن الإنسان من خلال لغة أخرى كان مؤمنا

وهذا أمر مستغرب، لكن قال الألوسي في تفسيره إن الإمام أبا حنيفة قد رجع عن ذلك

القرآن المترجم في الصلاة:

قيل ليس عند الأحناف إلا قول واحد، وهو جواز قراءة القرآن بغير العربية فى الصلاة للعاجز عن العربية.وهذا أمر مقبول جدا، وليس كالرأي الذي رجع عنه الإمام

وقال بعض من يجوزون الصلاة بغير العربية لمن لا يعرفها: إن النظم مقصود للإعجاز وحالة الصلاة المقصود من القرآن فيها المناجاة لا الإعجاز فلا يكون النظم لازما فيها

واعترض ابن نجيم الحنفي على ذلك بأنه مردود لأنه معارضة للنص بالمعنى فإن النص قد طُلب بالعربية و، هذا التعليل يجيزه بغيرها

وعند الشافعي رضي الله عنه لا تجوز القراءة بغير العربية بحال، وإن كان الإنسان لا يحسن العربية وهو أمي فله أن يصلي بغير قراءة؛ إذ أن اللغة الأخرى من كلام الناس فلذلك هي تفسد الصلاة

توثيق رواية ترجمة سلمان:

من الملاحظ أن كل الذين أشاروا إلى رواية كتابة سلمان للفاتحة بالفارسية نحو الألوسي وابن نجيم الحنفي والزرقاني قد أحالوا إلى كتاب "النهاية والدراية" و لم أعثر على هذا الكتاب ولا هذه الرواية لا في مسند أبي حنيفة ولا غيره ولم أجد من أشار إليها في كتب الحديث، وحسبي أن هذا الخبر - على أهميته - لم يخرِّجه كبار رجال الحديث

وغالبا ما يشار في ذلك أيضا إلى كتاب "المبسوط" للسرخسي وكتاب النووي المجموع شرح المهذب وهو شرح لكتاب المهذب للشيرازي وقد رجعت إلى هذه الكتب الثلاثة فوجدت النووي والسرخسي يقولان " روي عن سلمان " بلا إسناد ولا تعليق أما الشيرازي فلم يشر لذلك أبدا، و كذلك يشار في تلك الرواية إلى كتاب "النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية" للشرنبلالي وهو أبو الإخلاص: حسن بن عمار بن يوسف الوفائي المصري وهو فقيه حنفي كان مدرساً بالأزهر، وتوفي سنة 1069هـ

وقد جاء الشيخ الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن بهذه الرواية من كتاب الشربنلالي بلفظ آخر وهي "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب لهم: "بسم الله الرحمن الرحيم "بنام يزدان يحشايند" فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم وبعد ما كتب عرضه على النبي صلى الله عليه وسلم كذا في المبسوط قاله في النهاية والدراية" ثم رد الزرقاني هذه الرواية للآتي:

- هذا خبر مجهول الأصل لا يعرف له سند فلا يجوز العمل به

- إن الخبر لو كان لنقل وتواتر لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره

- إنه يحمل دليل وهنه فيه ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم إنما كتب لهم ترجمة البسملة ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبا وإلا كان كاتما وكاتم العلم ملعون

- إن المتأمل في الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم تترجم لهم كاملة لأن هذه

الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمة اللغوية لا العرفية على فرض ثبوت الرواية

- قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص؛ وذلك موجب لاضطرابه ورده والدليل على هذا الاضطراب أن النووي في المجموع نقله بلفظ آخر هذا نصه: "إن قوما من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية". وبين هذه الرواية وتلك مخالفة ظاهرة إذ إن هذه ذكرت الفاتحة وتلك ذكرت البسملة بل بعض البسملة ثم إنها لم تعرض لحكاية العرض على النبي صلى الله عليه وسلم أما تلك فعرضت له.

- إن هذه الرواية على فرض صحتها معارضة للقاطع من الأدلة القائمة على استحالة الترجمة وحرمتها ومعارض القاطع ساقط.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير