تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والحق أن الجدال مع بعضهم يقوم مقام جدال الجاهل للعالم، فليس للجاهل أرضية مشتركة مع العالم، وليس لبعض هؤلاء أصول واضحة يعتمدون عليها، فلا الشرع ولا الإجماع، ولا اللغة العربية من أصولهم في طرحهم لقضاياهم، فكيف تجادلهم؟

لكن هذا لا يمنع إظهار عوار منهجهم وتهافته، وبيان ما فيه من الخطأ والخطل، والقول المجانب للعقل والصواب، فضلا عن مجانبته للشرع.

تكرمًا: ارجع إلى هذا الرابط

http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4331

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Dec 2005, 07:00 م]ـ

1 - وشهد شاهد من أهلها

الغرب هم الآن في خريف "حضارتهم" ويأبى حداثيو قومنا إلا أن يشاركوهم هذا الخريف.صلى الله على محمد أبلغ البشر:عن أبي سعيد رضي الله عنه

: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال (فمن)

[6889] البخاري.

وليس من الصعب على المرء أن يتبين ألوان هذا الخريف المنذر بشتاء مظلم ... ما عليه إلا أن يستبين اللون الفكري السائد عند القوم .. فإن شاع لون السفسطة فذلك نذير الانهيار. وقد عرف تاريخ الفكر الغربي أعراض هذا المرض مرات عديدة أعقبها الانهيار الحتمي ولم ينهضوا إلا عند دفنهم للسفسطة. مثلا:

- لم تتأسس الحضارة الهللينية إلا بعد القضاء على فلول السفسطائين علي يد بعض "حكمائهم العقلاء" كسقراط وأرسطو.

- وما انهارت "اثينا" إلا بعد أن استولى على عاصمة العالم الثقافية مذاهب السفسطة التي تترقب دائما خلود الناس إلى الترف والغرائز والبحث عن اللذة لتخرج من جحورها .... وقد خرجت هنا باسم "فلسفة الشك" و"البيرونية" و" المغالطات" ......

وهكذا فأم الحضارة الغربية –أعني أثينا- ناطقة بالدرس البليغ:"لم تبرز إلى الوجود إلا بعد الانتصار على السفسطة المانعة من الحضارة. ولم تسقط إلا بعد هيمنة السفسطة الموجبة لسقوطها.

ولما كانت اللغة أعظم مظاهر حضارة الإنسان على الإطلاق لأنها الوجه الثاني لوجوده كما نبه على ذلك القرآن العظيم في مطلع السورتين الكريمتين: الرحمن والعلق, فإن السفسطة تفضل دائما أن تبدأ عملها التخريبي بنخر جسم اللغة .... لأن الشك في اللغة أو إفسادها هو أسرع طريق للشك وإفساد كل المجالات الأخرى ....

ومن تتبع مسار الفكر الغربي الحديث في قرنهم العشرين سيلاحظ أمرا عجبا:

- النصف الأول من القرن اتسم بتأليه اللغة والرفع من شأنها ومضى مفكروهم يرون أن كل شيء في الكون لغة .... ونشطت الحركات اللغوية على أكثر من صعيد: فرويد ولاكان وأشياعهما يرون اللاشعور لغة ..... ويرون علاج الحالات المزمنة باللغة بدل العقاقير .... ليفي شتراوس يرى أن العلاقات الاجتماعية ما هي في جوهرها إلا أنظمة من الدالات والمدلولات أي لغة .. ونشط علم السميولوجيا ليرى مظاهر الحضارة لغة أو على شاكلتها .... وازدهرت البنيوية فارتقت بعلوم اللغة إلى الصف الأول ضمن العلوم الانسانية ثم شاع بينهم أن كل علم إنساني يريد أن يتقدم لا بد أن يستلهم النموذج اللغوي ....

- النصف الثاني من القرن شهد الاحتفال ب"أكل" إلههم ... فكأنهم ما رفعوا اللغة إلا ليراها جميع الناس وبالتالي يكونون جميعا شهداء على خرابها وسقوطها. وكانت "التفكيكية"-الوجه العصري للسفسطة القديمة- حاملة لواء التخريب وصانعة المعول الذي يسمى "قراءة" ..... ومع أن هذه التفكيكية- مثلها مثل أي سفسطة أخرى- يستهجنها كل عاقل ولا يمكن قبولها إلا كما نقبل لعب الصبيان: أعني نبتسم لخيالهم لحظة ثم ننصرف إلى أعمالنا.أما أخذ لعبهم على محمل الجد والمشاركة معهم فهذا لا يخطر ببال الراشد أبدا. قلت هذه التفكيكية على سذاجتها يصعب دحضها لأمرين:

- "أثر الخياط"-راجع الأسطورة أعلاه-فالهالة التي أحيطت بالتفكيك والتهويل الذي صاحبه كل ذلك جعل الناس لا يتجرؤون على ما تجرأ عليه الطفل وإن كان رأيهم هو رأي الطفل فعلا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير