تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- من المعلوم أن أي سفسطة لا يمكن دحضها بالمنطق ... وإن كانت في نفس الأمر داحضة بالفطرة التي فطر الله الناس عليها .... وما من فرد إلا اعترته حالة سفسطة لكن رحمة الله تتداركه بعد ذلك فيعود إلى فطرته ... أما أن تتحول إلى مذهب فذلك الجنون بعينه ..... وقديما ذكر علماؤنا أن السفسطي لا يناقش ولكن يلكم على وجهه فإن احتج أو طالب بالقصاص فهي الشهادة بانه يؤمن بالعالم الخارجي الذي ينكره ..... أقول هذا الكلام لأن التفكيكي لا يعدم أجوبة للدفاع عن فلسفته ولو كان بطلانها ظاهرا للصبيان ..... فبيرون الشاك الإغريقي –مثلا-كان لا يؤمن بالعقل كمصدر للمعرفة الحقة وعندما يناظر ويثبت له خصمه بالأدلة القطعية أن العقل يصلح للمعرفة يكون جواب بيرون الشاك:"هذه الأدلة من أين أتيت بها؟ "فإن قال مناظره: " جئت بها من العقل" كان الرد:" أنا أشك في العقل فكيف يكون خصما وحكما"!!

الحمد لله الذي نجانا من هذا الوساوس .....

إذن شهد النصف الثاني من القرن العشرين استراتيجية إزاحة اللغة – ومعها إزاحة العقل والفكر-والتخلص من سلطتها لينتثر نظام المعرفة ..... وإن كانت أعراض هذا المرض قد بدأت في الظهور من قبل .... في شكل سفسطات من نوع "الادب السوريالي" و"الدادا" ..... ولكي يدرك العربي هذا الغثاء والعبث الصبياني يكفي أن نشير مثلا إلى ما يشاع عن سبب تسمية "الدادا" فقد فتح "تريستان تزارا"المعجم –عندما أراد تسمية مولوده الفكري- فكان أول كلمة وقعت عليها عينه هي كلمة "دادا" والتي تعني في لغة الاطفال "الحصان الخشبي" فكان مذهبه "الدادا" ..... وهذا الشاعر الحداثي هو صاحب الوصفة المشهورة لإبداع قصيدة سوريالية جميلة:يكفي أن تأخذ قبعتك وتضع فيها كلمات كثيرة مكتوبة على قصاصات صغيرة من الورق ... ثم اخلط جيدا ... وبعد ذلك اسحب ورقة ورقة وانقل كلماتها على الورقة بحسب ترتيب خروجها ..... ثم استمتع بالقصيدة هنيئا مريئا!!!

وهؤلاء هم أيضا مبدعو الشعر الحداثي المسمى بالشعر الآلي: وهو سهل جيدا ما عليك إلا أن تختار وقتا تكون فيه متعبا وقليل التركيز والوعي وخذ ورقة واكتب بسرعة فائقة ما يخطر ببالك بحيث تكتب الكلمة ولا تعرف الكلمة المقبلة ... وكلما اسرعت كلما صدقت قصيدتك لأن اللاشعور –بزعمهم-هو المبدعى الحقيقي ... فتغييب العقل يطلق يد اللاشعور في الابداع .....

هذا الاستطراد لا بد منه .... ليعرف الناس حقيقة هذه الحداثة وحقيقة مبدعيها وأتباعها ......

ثم جاءت فضيحة سوكال* ... (انظر الهامش)

وأهمية هذه الفضيحة في نظري هي كونها صفعة مهينة للحداثيين وعلى رأسهم أذنابهم المسلمون والعرب ...... هذا الإهانة لا سبيل لهم للخلاص منها فليست صادرة من قطب أوسفر أو سلمان أو سليمان ليقولوا مسلمون رجعيون ظلاميون ولا عبرة بكلامهم ..... بل هي صادرة من أعلى مستوى في الفكر الغربي ... من بروفسور مختص في الفزياء وفي بلد هو قمة الحضارة الغربية ..... ولا أعتقد أن من يدعي "تشريح النص" يجرأ على أن يتوهم أن عمله يضاهي تفجير النواة. فيقول لا عبرة بكلام سوكال.

يتبع ......


هامش: رابط الفضيحة هو هذا http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4320
مع ضرورة الرجوع إلى المصدرين لمن يتقن الفرنسية أو الانجليزية ليدرك حجم الرجة التي احدثها سوكال ....
وقد لاحظت مع الأسف عدم تفاعل الإخوة مع الموضوع-باستثناء فاضلين فقط-
وكان أملي أن ينقل الموضوع لكل المنتديات على الاقل بمناسبة مرور عشرية على وقوع الفضيحة ..... ويؤسفني أن أتذكر بهذا الصدد مقولة مالك بن نبي رحمه الله: ما فائدة أن تكتب جالسا ويقرؤك غيرك مستلقيا ....

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Dec 2005, 09:25 م]ـ
أحسن الله إليك أبا عبدالمعز على هذه النوادر التي تتحفنا بها، ولكن عدم كتابة الرد أحياناً بسبب جودة الموضوع، مما يجعلنا نرى أن مجرد الإعجاب لا يفي بحقها علينا معشر القراء، فنبقى نتحفز لنكتب ما يمكن أن يسمى مداخلة حول الموضوع والوقت يمضي، فيكون العتاب!
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير