ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[17 Dec 2005, 06:04 م]ـ
بعد أن نقلَ خيري منصور فرَحَ مؤرخ تونسي بشَّر بقدوم المحررين الأحرار الفرنسيين .. وشماتته بالأتراك (المحتلين) .. انتقل ص199 للحديث عن مرحلةٍ تالية ... مرحلتنا تتلوها
تلك المرحلة هي ما بعد الحرب العالمية ... ووزوال دولة الخلافة الإسلامية ... وسط تصفيق العرب مهللين مستبشرين.
عندها وقف وزير خارجية بريطانيا: " نظراً لما قامت به تركيا، فقد قررت حكومة جلالة الملك وضع مصر تحت الحماية ".
وبردة فعل عفوية سريعة .. انطلقت حناجر كثير من العرب مهللين بالتحرير مرحبين بحماية أهل السماحة والأخلاق ...
فقال شاعر النيل حافظ إبراهيم مبشراً نهر النيل
فَعِش لِلنيلِ سُلطاناً أَبِيّاً ### لَهُ في مُلكِهِ عَقدٌ وَحَلُّ
وَوالِ القَومُ إِنَّهُمُ كِرامٌ ### مَيامينُ النَقيبَةِ أَينَ حَلّوا
لَهُم مُلكٌ عَلى (التايمزِ) أَضحَت ### ذُراهُ عَلى المَعالي تَستَهِلُّ
وَلَيسَ كَقَومِهِم في الغَربِ قَومٌ ### مِنَ الأَخلاقِ قَد نَهِلوا وَعَلّوا
فَإِن صادَقتَهُم صَدَقوكَ وُدّاً ### وَلَيسَ لَهُم إِذا فَتَّشتَ مِثلُ
إلى أن قال:
فَمادِدهُم حِبالَ الوُدِّ وَاِنهَض ### بِنا فَقِيادُنا لِلخَيرِ سَهلُ
وَخَفِّف مِن مُصابِ الشَرقِ فينا ### فَنَحنُ عَلى رِجالِ الغَربِ ثِقلُ
ألم تلاحظوا الشفافية العالية .. يعتذر للغرب؛ لأن العرب كانوا (ثقالاً) عليهم!!!
فعلاً، الشاة ثقيلة على من يقوم بذبحها وسلخها!
ولذا أقترح أن يذبح العرب أنفسهم ويسلخوا أجسادهم ويقدموها مطهية أيضاً ..
ملاحظة: الوقود المستخدم للطهي على حسابهم أيضاً.
أما أمير الشعراء أحمد شوقي
حلفاؤنا الأحرار إلا أنهم ### أرقى الشعوب عواطفاً وميولا
أعلى من الرومان ذكراً في الورى ### وأعز سلطاناً وأمنع غيلا
لما خلا وجه الزمان بسيفهم ### ساروا سماحاً في البلاد عدولا
بما أن الأمير شهِدَ لهم بالسماحة .. فهل بعد قوله قول؟!
ويكتب (الشيخ) علي الريماوي سنة 1917م محتفياً بالذكرى الأولى (للتحرير) الإنجليزي لفلسطين
وهذا نهار فيه حلت قيودنا ### وقد نشط الاقدام وانطلق الفكر
وحل محل الظلم عهد محبب ### وقد لاح من بعد الظلام لنا فجر
بريطانيا العظمي وأنت شهيرة ### وعندك طبعا يحمل الحمد والشكر
عهدناك للإسلام أكرم دولة ### عهدناك والعمران دينك والبر
يكفي للتعليق عليه أنه قال تلك القصيدة في العام ذاته ((عام وعد بلفور!!!)) وفيه انحلت قيودنا تماماً ..
ألا تُحل القيود عن الكفن، حين يوضع في القبر؟!!
ويختم الشاعر إسكندر خوري نشيد المرحبين بالتحرير
بني (التايمز) قد فزتم ### وبالإنقاذ قد جئتم
بلاد القدس شرفتم ### فأهلاً أينما بِتُّم
القدس شرُفت بهم!!
وتدور الأيام ... وما زال العرب متمسكين بميراث أجدادهم ...
لكن الجزائري: محمد أركون يطالب بنبذ (ميراث) الأجداد ... لكن مهلاً .. لنكن موضوعيين
مَن قال إنه يرفض كل ميراث السلف ...
أبداً ... إنه ما زال يفتخر بسلفه
سلفه الذي يحبه ويجهر أنه مثله الأعلى في أكثر من كتاب ولقاء .. إنه:
أتاتورك ..
هذا هو الوعي السالب ... الذي إن قارنتَه بـ (اللاوعي) لفضلتَ اللاوعيَ عليه!!
على كل حال .. مَن قال إن علم الاستنساخ .. علمٌ حديث؟!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[30 Dec 2005, 04:19 م]ـ
وخطورة الوعي السالب أنها تمتد وتتشعب وقد لا يلمس جيلنا أثرها لكن الأثر سيظهر في الأجيال التالية ..
سأذكر خلاصة دراسة الأستاذ أنور الجندي حول شخصية طه حسين وأفكاره، من خلال كتبه ومقالاته ومحاضراته وما تناقلته وسائل الإعلام عن نشاطاته .. حيث لخَّص كل ذلك ـ بعد تفصيل الأدلة عليه ـ بقوله:
" ولنذكر يومَ أصدَرَ (الشعر الجاهلي) وسارت المظاهرات إلى سعد زغلول [1] تطالب برأسه، فقال سعد:
" إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر في هذه الأمة المتمسكة بدينها، هَبُوا أن رجلاً مجنوناً يهذي في الطريق، فهل يضير العقلاء شيء من ذلك؟ إنَّ هذا الدين متين، وليس الذي شكَّك فيه زعيماً أو إماماً فليشك كما شاء".
ومن يومها، انطلق طه حسين تحت اسم الرحمة لرجلٍ كفيف، أو التجاهل لرجل يهذي. ولكن طه حسين كان يقطع الطريق من مرحلة إلى مرحلة، مؤثِّراً في المناهج الجامعية ثم المدرسية، وفي مناهج الثقافة والأدب والتاريخ .. ففي كل ما تناوله سموم مدسوسة، وآراء للاستشراق منشورة، وشبهات مثارة، وكتب تدرَّس في الجامعات، تتناول الرسول والإسلام بعبارات فاحشة، وحفلات رقصٍ في الجامعة .. وفوق كل ذلك: أراؤه مسروقة، أخَذها من هذا المستشرق أو ذاك، دافعَ عن الإلحاد، وعن الشك، ونافَقَ الغربيين، وهجمَ الأزهر، وأدخلَ الأساطير إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ". [2]
إن الوعي السالب يجعل مُمارِسَه شريكاً في الجريمة ـ إن لم يكن أخطر ـ ولنتذكر عبارة (التدخين السلبي). [3]
================
[1] كان سعد زغلول يفطر فى رمضان، ويشرب الخمر – حتى في رمضان – فيعتذر عنه المعتذرون بأنه ضعيف لا يقوى بدنه على الصيام – فهو من أهل الأعذار –. وقد سمي ميدان التحرير في مصر بذلك لأن زوجة سعد (تحررت) من حجابها عنده في مظاهرة نسائية. انظر كتاب: واقعنا المعاصر للشيخ محمد قطب.
[2] طه حسين حياته فكره في ميزان الإسلام، أنور الجندي، دار الاعتصام، القاهرة، ط2، 1977م، ص221 - 222. وذكَر في الصفحة التالية، ملامحَ العمل التغريبي الذي قام به طه حسين في التعليم.
[3] تُطلَق على من يجلس في أوساط المدخنين من غيرهم، وخطر التدخين السلبي أضعاف أخطار التدخين الفعلي كما يقرر كل الأطباء.
¥