تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jan 2006, 10:42 م]ـ

كي لا نعيش كثيراً مع نماذج الوعي السالب المحبِطة، هذا نموذج من وعي إيجابي

((نفعَ صاحبه بعد الموت))

أفاد بعد وفاته بعقود .. أضعاف ما أفاد في حياته

فقد ناقش فيه ((أقوى)) ما ذُكِر في مواقع الإنترنت التنصيرية من أدلة على الإطلاق، حول كون القرآن الكريم مقتبس من كلام الشعراء الجاهليين ..


نشرت الجمعية الإنجليزية المكلفة بالدعوة إلى النصرانية كتابا بعنوان "تنوير الأفهام"، وقد كتب ذلك الكتاب أحد الحاقدين على الإسلام وأهله، وضمن كتابه الأبيات التي ذكرناها أول المقال، ونسبها إلى امرىء القيس، ثم ادعى بعد ذلك أن القرآن الكريم قد اقتبس من تلك الأبيات.
ونص الأبيات التي لفقها على امرىء القيس:
دنت الساعة وانشق القمر ### عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ### ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته ### فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك ### فتركني كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة ### كانت الساعة أدهى وأمر
كتب الحسن على وجنته ### بسحيق المسك سطرًا مختصر
عادة الأقمار تسري في الدجى ### فرأيت الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شق العذار خده ### دنت الساعة وانشق القمر
[انظر مجلة المنار 7/ 3/101]
وقد تنبه العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله لهذه الفرية، وردها بالأدلة والبراهين قال رحمه الله:" لولا أن في القراء بعض العوام، لما كنت في حاجة إلى التنبيه على أن هذه القصيدة يستحيل أن تكون لعربي، بل يجب أن تكون لتلميذ أو مبتدئ ضعيف في اللغة من أهل الحضر المخنثين عشاق الغِلمان، فهي في ركاكة أسلوبها وعبارتها وضعف عربيتها وموضوعها، بريئة من شعر العرب لا سيما الجاهليين منهم، فكيف يصح أن تكون لحامل لوائهم، وأبلغ بلغائهم.
وهب أن امرأ القيس زير النساء كان يتغزل بالغلمان - وافرضه جدلا - ولكن هل يسهل عليك أن تقول: إن أشعر شعراء العرب صاحب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) يقول: أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور، وتضيق عليه اللغة فيكرر المعنى الواحد في البيت مرتين؛ فيقول: أحور بعينيه حور.
أتصدق أن عربيا يقول: انشق القمر عن غزال، وهو لغو من القول؟ وما معنى: دنت الساعة في البيت؟ وأي عيد كان عند الجاهلية يمر فيه الغلمان متزينين؟ وهل يسمح لك ذوقك بأن تصدق أن امرأ القيس يقول: فرماني فتعاطى فعقر، وأي شىء تعاطى بعد الرمي، والتعاطي: التناول ... وهل يقول امرؤ القيس: لحاظ فاتك؟ فيصف الجمع بالمفرد.
وهل يشبّه العربي طلوع الشعر في الخد بالسُرى في الليل؟ مع أنه سير في ضياء كالنهار؟
وكيف تفهم وتعرب قوله: بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
وهل يقول عربي، أو مستعرب فصيح في حبيبه: إن العذار شق خده شقًّا؟!
.... بعد هذه الإشارات الكافية في بيان أن الشعر ليس للعرب الجاهليين، ولا للمخضرمين، وإنما هو من خنوثة وضعف المتأخرين، أسمح لك بأن تفرض أنه لامرىء القيس إكراما واحتراما للمؤلف – أي مؤلف كتاب "تنوير الأفهام" -، ولكن هل يمكن لأحد أن يكرمه ويحترمه فيقول: إن الكلمات التي وضع لها العلامات هي عين آيات القرآن؟ .... وليس في القرآن (فرماني فتعاطى فعقر) وقد ذكرنا لك الآية آنفا، وقوله (تركني كهشيم المحتظر) مثله، وإنما الآية الكريمة: " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ " [القمر: 31]. فالمعنى مختلف والنظم مختلف، وليس في البيت إلا ذكر المشبه به، وهو فيه في غير محله؛ لأن تشبيه الشخص الواحد بالهشيم يجمعه صاحب الحظيرة لغنمه لا معنى له، وإنما يحسن هذا التشبيه لأمة فُنيت وبادت كما في الآية ... وليس في القرآن أيضًا: كانت الساعة أدهى وأمر، وإنما فيه: " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) "، فههنا وعيدان شرهما الساعة المنتظرة فصح أن يقال: إنها أدهى وأمر، وليس في البيت شيء يأتي فيه التفضيل على بابه.
واعلم أن هذا الشعر من كلام المولدين المتأخرين هو أدنى ما نظموا في الاقتباس، ولم ينسبه إلى امرىء القيس إلا أجهل الناس.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير