تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقد كانت حملة نابليون التي بدأت سنة 1798 م 1213 هـ بداية الغزو الصليبي الحديث، ولكنه هذه المرة يختلف عن الحملات الصليبية السابقة، فقد جند معه العقول، وكل ما وصلت إليه الحضارة الغربية من منجزات مادية وفكرية وثقافية لتسهم معه في تكريس هذا الغزو وتوطيد أركانه وكان لهذه الحملة أثران:

إيجابي: حيث قامت بدور الصاعق الكهربائي الذي يجعل النائم يصحو، والمريض ينتفض وينشط وكان ذلك قد لفت أنظار المسلمين إلى واقعهم المتردي، وانحطاطهم المتفاقم عن ركب الحضارة.

سلبي: حيث رافق هذه الحملة ملابسات، وأعراض مرضية أخذت تتفشى وتنتشر في المجتمع المصري من أزياء وعادات وأخلاق، بالإضافة إلى الفكر الوافد الذي زرعه نابليون في عقول بعض الفئات وبدأ ينمو حتى أينعت ثماره فيما بعد على يد سلامة موسى وأمثاله.

لقد جاء الفرنسيون معهم بكل ما نشاهده اليوم من مظاهر للعلمانية في الأخلاق والسلوك والفكر، فقد قتل نابليون عدداً كبيراً من العلماء، ودنس جنوده المقدسات، وزينوا للمصريين مخالفة دينهم بالممارسات الشنيعة، فتأثراً بهم خرجت المرأة المصرية عن حشمتها، وحجابها، واختلطت بهم، وكان الهدف الأكبر للفرنسيين هو قلب التقاليد الإسلامية المصرية. ورافق هذا الاحتلال محاولات متواصلة وجهود مكثفة لقطع الشعوب الإسلامية " الغافية " عن ماضيها وتراثها ودينها ولغتها، وصبغها بصبغات غربية، وإشاعة الفواحش والمنكرات والعادات الغربية بين أبناء المسلمين، وساعد على ذلك الفقر الشديد الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية نتيجة للاستعمار، والحكام والملوك المستبدين الذين صنعهم الاستعمار ووطد سلطانهم لخدمة مصالحه واستفحل نتيجة لذلك الجهل والأمية، وظل التعليم محصوراً في بعض الطبقات الثرية، والأسر الأرستقراطية.

وقد أدرك المستعمر أن تغيير الفكر، وغسل الأدمغة يجب أن يتم قبل أي مشروع آخر وذلك لتسهيل مهمته في استعباد الشعوب واستغلالها، وجعلها دائماً في دوامة التبعية الحضارية والحاجة إلى الوصاية والانتداب، فكانت دراسات المستشرقين الهائلة التي وُظِّفت لها أموالٌ طائلة وبُذلت من أجلها جهودٌ جبارة، وكانت في معظمها قائمة على التزوير والتحريف والافتراء.

ومن هنا ظلت أعين المسلمين دائماً تنظر إلى الإنتاج الاستشراقي بالريبة والحذر بل غالباً ما يتعامل معها المسلمون على أنها جهود استعمارية معادية، والحسن فيها استثناءً نادرٌ، ولذلك رأى المستعمر أن يصنع لهذه الأمة قادة من أبنائها يربيهم على موائده، ويعلمهم في معاقله، ثم يفيض عليهم من إحسانه، ويمرغهم في إنعامه، ويغمسهم في ملذاته، ويسديهم من خيراته، ثم يضفي عليهم من الشهرة والمجد ما يجعلهم محط الأنظار وقادة الأفكار، ورواد الإصلاح، وزعماء التجديد إنها نصيحة زويمر للمبشرين: "" تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها "".

وهذا ما فعله الغرب المستعمر فأبرز من أبرز وطمس من طمس، وكان الذين برزوا هم الذين أخلصوا لسادتهم المستعمرين، وتحقق هؤلاء السادة من عمالتهم ودناءتهم فجعلوهم نجوماً للأمة يَهدُونها إلى التغرُّب، ويزينون لها التأوْرُب.

أخي الكريم:

العلمانية هي المُسخة الجديدة للاستشراق ...

وأنا أسميها مُسخة لأنها نسخة مشوهة تريد ان تلصق نفسها بحضارتنا وتراثنا على أنها من داخل هذا التراث وليست غريبة عنه وكما جاء في الحديث // هم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا //.

والعلمانيون في تعاملهم مع القرآن الكريم على أنه نص بشري أو أدبي هم يجترون في ذلك جهود المدارس الغربية التاريخية وخصوصاً المدرسة الألمانية في دراساتهم وانتقاداتهم للكتاب المقدس وخصوصاً ما سمي بالنقد العالي للكتاب المقدس.

إنهم يسعون لإسقاط ما تم إنجازه بخصوص الكتاب المقدس على القرآن الكريم.

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Dec 2005, 02:03 م]ـ

إخوتي الأحبة: سنبدأ اللقاء مع الأخ أحمد الطعان، وبالنسبة للتعريف به وبأطروحته: " موقف الفكر العربي العلماني من النص القرآني / دعوى تاريخية النص نموذجاً " فسيتم ذلك في موضوع مستقل حين يزف لكم البشرى بطباعتها قريباً تحت عنوان مبدئي: " العلمانيون والقرآن ".

ولنبدأ اللقاء:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير